الناس، وأخذ المكس، وجباية الأموال ظلما، وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه.
السادس: التعريف، فإذا كان الإنسان معروفا بلقب: كالأعمش، والأعرج، والأصم، والأعمى، والأحول، والأفطس، وغيرهم، جاز تعريفه بذلك بنية التعريف، ويحرم إطلاقه على جهة التنقص ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى. فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء مما تباح بها الغيبة على ما ذكرناه.
وممن نص عليها هكذا الإمام أبو حامد الغزالي في " الإحياء " وآخرون من العلماء، ودلائلها ظاهرة من الأحاديث الصحيحة المشهورة، وأكثر هذه الأسباب مجمع على جواز الغيبة بها.
1040 - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: " ائذنوا له بئس أخو العشيرة " احتج به البخاري على جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب.
1041 - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قسمة، فقال رجل من الأنصار: والله ما أراد محمد بهذا وجه الله تعالى، فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبرته، فتغير وجهه وقال: " رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر " وفي بعض رواياته: " قال ابن مسعود: فقلت لا أرفع إليه بعد هذا حديثا ".
قلت: احتج به البخاري في إخبار الرجل أخاه بما يقال فيه.
1042 - روينا في " صحيح البخاري " عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا " قال الليث بن سعد أحد الرواة: كانا رجلين من المنافقين.
1043 - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: " خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فأصاب الناس فيه شدة، فقال عبد الله بن أبي:
لا تنفقوا على من عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى ينفضوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أبي.... وذكر الحديث. وأنزل الله تعالى تصديقه: (إذا جاءك المنافقون) [المنافقون: 1].