وأولئك هم المفلحون) [آل عمران: 104] وقال تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف) [ الأعراف: 199] وقال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) [التوبة: 71] وقال تعالى: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) [المائدة: 79] والآيات بمعنى ما ذكرته مشهورة.
1011 - وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ".
1011 - وروينا في كتاب الترمذي عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
" والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله تعالى أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " قال الترمذي: حديث حسن.
1012 - وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة بأسانيد صحيحة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) [المائدة: 105] وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ".
1013 - وروينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما عن أبي سعيد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر ". قال الترمذي: حديث حسن.
قلت: والأحاديث في الباب أشهر من أن تذكر، وهذه الآية الكريمة مما يغتر بها كثير من الجاهلين ويحملونها على غير وجهها، بل الصواب في معناها: أنكم إذا فعلتم ما أمرتم به فلا يضركم ضلالة من ضل. ومن جملة ما أمروا به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والآية قريبة المعنى من قوله تعالى: (ما على الرسول إلا البلاغ) [العنكبوت: 18].
واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له شروط وصفات معروفة ليس هذا موضع بسطها، وأحسن مظانها " إحياء علوم الدين "، وقد أوضحت مهماتها في شرح مسلم "، وبالله التوفيق.