متخالفة ألا ترى أن البنيان يحتاج إلى تقدير في الطول والعرض وإلى إيجاد بوضع الأحجار والأخشاب على نهج خاص وإلى تزيين ونقش وتصوير فهذه أمور ثلاثة مرتبة تصدر عنه جل شأنه في إيجاد الخلايق من كتم العدم فله سبحانه باعتبار كل منها اسم على ذلك الترتيب (يسبح له ما في السماوات وما في الأرض) هذا التسبيح أما بلسان الحال فإن كل ذرة من الموجودات تنادي بلسان حالها على وجود صانع حكيم واجب الوجود لذاته وأما بلسان المقال وهو في ذوي العقول ظاهر وأما غيرهم من الحيوانات فذهب فرقة عظيمة إلى أن كل طائفة منها تسبح ربها بلغتها وأصواتها كبني آدم وحملوا عليه قوله تعالى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) وأما غير الحيوانات من الجمادات فذهب جم غفير إلى أن لها تسبيحا لسانيا أيضا واعتضدوا بقوله سبحانه (وإن من شئ إلا يسبح بحمده وقالوا لو أريد به التسبيح بلسان الحال لاحتاج قوله جل شأنه (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) إلى تأويل وذكروا أن الاعجاز في تسبيح الحصى في كف (النبي صلى الله عليه وآله) ليس من حيث نفس التسبيح بل من حيث اسماعه للصحابة وإلا فهي في التسبيح دائما أن تخرجني من الدنيا آمنا أي من الذنوب التي بيني بينك بأن توفقني للتوبة منها قبل الموت ومن التي بيني وبين خلقك بأن توفقني للتخلص منها (وتدخلني الجنة سالما) أي من
(١٠١)