الحجاز سهيلا، ورؤية أهل العراق إياه عشرون يوما ويقال: إنه يطلع عند نتاج الإبل فإذا حالت السنة تحولت أسنان الإبل. والمعنى: أن حساب أسنان الإبل أي أعمارها عند طلوع سهيل لأن سهيلا إنما يطلع في زمن نتاج الإبل فحساب عمرها إنما يكون من زمن طلوعه. فالإبل التي كانت ابن لبون تصير عند طلوع سهيل حقا، وقلما تنتج الإبل غير زمن طلوع سهيل. فالإبل التي تلد في غير زمنه لا يحسب سنها من طلوع سهيل بل بولادتها وإليه أشار الشاعر (إذا سهيل) كوكب يمان (أول الليل) في فصل طلوعه (طلع) وفي لسان العرب إذا سهيل " مطلع الشمس طلع " أي لفظ مطلع الشمس بدل أول الليل، لكن ما نقله أبو داود أحسن منه لأن من المعلوم أن الكواكب بأسرها تطلع مطلع الشمس أي جهة المشرق فلا فائدة في ذكره مع قوله: طلع بخلاف ما في الكتاب، فإن الكواكب مختلفة الطلوع فبعضها تطلع أول الليل وبعضها وسطه وبعضها آخره فذكره مفيد.
واعلم أن ما ذكره المؤلف أبو داود رحمه الله ههنا مما أنشده الرياشي ثلاثة أبيات أحدها قوله:
إذا سهيل أول الليل طلع والثاني: فابن اللبون الحق والحق جذع والثالث: لم يبق من أسنانها غير الهبع وكلها من مشطور الرجز والقافية متراكب، وهذا على قول غير الخليل وأما الخليل فإنه لا يعده شعرا وكان الشعر عنده ما له مصراعان وعروض وضرب. أصل الرجز مستفعلن ست مرات وهو في الاستعمال يسدس تارة على الأصل ويربع مجزوءا أخرى ويثلث مشطورا ثالثة، وسمي المثلث مشطورا. والتفصيل في علمي العروض والقوافي (فابن اللبون) التي دخلت في الثالثة وهو مبتدأ (الحق) التي دخلت في الرابعة وهو خبره والجملة جواب الشرط (والحق) مبتدأ (جذع) التي دخلت في الخامسة خبره والجملة معطوفة على جملة جواب الشرط، المعنى:
أنه إذا طلع سهيل أول الليل صار ابن اللبون حقا وصار الحق جذعا، وكذا صار الجذع ثنيا والثني رباعيا والرباعي سديسا، وهكذا لما سبق من أن سهيلا يطلع أو الليل عند نتاج الإبل