(فقد غوى) بفتح الواو وكسرها والصواب الفتح كما في شرح مسلم، وهو من الغي وهو الانهماك في الشر. وقد اختلف أهل العلم في حكم خطبة الجمعة فذهب الشافعي وأبو حنيفة ومالك إلى الوجوب، ونسبه القاضي عياض إلى عامة العلماء، واستدلوا على الوجوب بما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم بالأحاديث الصحيحة ثبوتا مستمرا أنه كان يخطب في كل جمعة، وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " وذهب الحسن البصري وداود الظاهري والجويني إلى أن الخطبة مندوبة فقط.
قال الشوكاني: وأما الاستدلال للوجوب بحديث أبي هريرة مرفوعا قال كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم رواه أبو داود، وفي رواية " الخطبة التي ليس فيها شهادة كاليد الجذماء " رواه أحمد، وبحديثه أيضا عند البيهقي في دلائل النبوة مرفوعا حكاية عن الله تعالى بلفظ " وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي " فوهم لأن غاية الأول عدم قبول الخطبة التي لا حمد فيها، وغاية الثاني عدم جواز خطبة لا شهادة فيها بأنه صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله ورسوله، والقبول والجواز وعدمها لا ملازمة بينها وبين الوجوب قطعا. انتهى.
قلت: والحق مع الجمهور. قال المنذري: وهذا مرسل.
(بئس الخطيب) تقدم تفسير هذا الحديث آنفا. وقد بسط الكلام فيه السيوطي في مرقاة الصعود، وكلامه أحسن من كلام النووي يطول الكلام بذكره. قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي وفيه " بئس الخطيب أنت " وكذا أخرجه أبو داود في كتاب الأدب.