(رشد) بفتح الشين المعجمة (ومن يعصهما) فيه جواز التشريك بين ضمير الله تعالى ورسوله، ويؤيد ذلك ما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ " أن يكون الله تعالى ورسوله أحب إليه مما سواهما، وما ثبت أيضا أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر مناديا ينادي يوم خيبر " إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية " وأما ما في صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي من حديث عدي بن حاتم " أن خطيبا خطب عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: من يطع الله تعالى ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال له صلى الله عليه وسلم:
بئس الخطيب أنت، قل: من يعص الله تعالى ورسوله فقد غوى " فمحمول على ما قال النووي من أن سبب الإنكار عليه أن الخطبة شأنها البسط والإيضاح واجتناب الإشارات والرموز. قال:
ولهذا ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذ تكلم بكلمة أعادها ثلاثا لتفهم عنه، قال وإنما ثنى الضمير في مثل قوله أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما، لأنه ليس خطبة وعظ وإنما هو تعليم حكم، فكل ما قل لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فإنه ليس المراد حفظها وإنما يراد الاتعاظ بها، ولكنه يرد عليه أنه قد وقع الجمع بين الضميرين منه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الباب وهو وارد في الخطبة لا في تعليم الأحكام. وقال القاضي عياض وجماعة من العلماء: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما أنكر على الخطيب تشريكه في الضمير المقتضي للتسوية وأمره بالعطف تعظيما لله تعالى بتقديم اسمه كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر " لا يقل أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل ما شاء الله ثم ما شاء فلان " ويرد على هذا ما قدمنا من جمعه صلى الله عليه وسلم بين ضمير الله وضميره، ويمكن أن يقال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما أنكر على ذلك الخطيب التشريك لأنه فهم منه اعتقاد التسوية فنبهه على خلاف معتقده وأمره بتقديم اسم الله تعالى على اسم رسوله ليعلم بذلك فساد ما اعتقده. و قال المنذري: في إسناده عمران بن داور أبو العوام القطان البصري، قال عفان: كان ثقة، واستشهد به البخاري، وقال يحيى بن معين والنسائي: ضعيف الحديث، وقال يحيى بن مرة: ليس بشئ، وقال يزيد بن زريع: كان عمران حروريا وكان يرى السيف على أهل القبلة. هذا آخر كلامه. وداور آخره راء مهملة.