قال الخازن في تفسيره: ولا تنعقد إلا في موضع واحد من البلد، وبه قال الشافعي ومالك وأبو يوسف. وقال أحمد: تصح بموضعين إذا كثر الناس وضاق الجامع. وفي رحمة الأمة: والراجح من مذهب الشافعي أن البلد إذا كبر وعسر اجتماع أهله في موضع واحد جاز إقامة جمعة أخرى، بل يجوز التعدد بحسب الحاجة. وقال داود: الجمعة كسائر الصلوات يجوز لأهل البلد أن يصلوها في مساجدهم. انتهى.
وأنت عرفت أن الجمعة في بلد واحد أو قرية واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم الخلفاء لم تكن تصلى إلا في المسجد الجامع ولم يحفظ عن السلف خلاف ذلك، إلا ما روي عن عطاء بن أبي رباح وداود إمام الظاهرية، وقولهما هذا خلاف السنة الثابتة، فلا يحتج بقولهما.
هذا ملخص من غاية المقصود والمطالب الرفيعة في المسائل النفيسة، كلاهما لأخينا الأعظم أبي الطيب أدام الله مجده. وحديث عائشة هذا أخرجه البخاري ومسلم.
(الجمعة) واجبة (على كل من سمع النداء) أو كان في قوة السامع، وليس المراد أن الجمعة لا تجب على من لم يسمع النداء وإن كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة أو في خارجه، لقول الله تبارك وتعالى: (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) الآية. فأمر الله تعالى بالسعي بمجرد النداء ولم يقيده بالسماع وهذا هو الظاهر. قال الحافظ في الفتح: والذي ذهب إليه الجمهور أنها تجب على من سمع النداء أو كان في قوة السامع، سواء كان داخل البلد أو خارجه انتهى. وقد حكى الحافظ زين الدين العراقي في شرح الترمذي عن