عثمان في روايته دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد إلى قوله إلى السماء، ولم يزد هذا الكلام مسدد في روايته، فلذلك صار حديث عثمان أتم من حديث مسدد ثم اتفق أي مسدد وعثمان (فقال لينتهين رجال) اللام جواب القسم وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يواجه أحدا بمكروه بل إن رأى أو سمع ما يكره عمم، كما قال ما بال أقوام يشترطون شروطا، ليتنهين أقوام عن كذا (يشخصون) أي يرفعون والجملة صفة لرجال (قال مسدد في الصلاة) أي زاد مسدد في روايته لفظة في الصلاة (أو لا ترجع إليهم أبصارهم) قال الطيبي: أو ههنا للتخيير تهديدا أي ليكونن أحد الأمرين كقوله تعالى: (لنخرجك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا) انتهى. وفيه النهي الأكيد والوعيد الشديد في رفع الأبصار في الصلاة. قال القاضي عياض: واختلفوا في كراهة رفع البصر إلى السماء في الدعاء في غير الصلاة فكرهه شريح وآخرون وجوزه الأكثرون وقالوا لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة، ولا ينكر رفع الأبصار إليها كما لا يكره رفع اليد. قال الله تعالى: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) انتهى. قال علي القاري ناظرا في كلام القاضي هذا ما نصه: قلت فيه أن رفع اليد في الدعاء مأثور ومأمور ورفع البصر فيه منهي عنه كما ذكره الشيخ الجزري في آداب الدعاء في الحسن.
قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي وأخرج ابن ماجة طرفا منه.
(ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم) زاد البخاري إلى السماء وزاد مسلم من حديث أبي هريرة " عند الدعاء " قال الحافظ: فإن حمل المطلق على هذا المقيد اقتضى اختصاص الكراهة بالدعاء الواقع في الصلاة. وقد أخرجه ابن ماجة وابن حبان من حديث ابن عمر بغير تقييد ولفظه " لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء يعني في الصلاة " وأخرجه بغير تقييد أيضا مسلم من حديث جابر بن سمرة والطبراني من حديث أبي سعيد الخدري وكعب بن مالك.
وأخرج ابن أبي شيبة من رواية هشام بن حسان عن محمد بن سيرين " كانوا يلتفتون في