الحديث على مشروعيته في الحضر كما سأذكره وهو قول الجمهور واحتجوا له من حيث المعنى بان الرهن شرع توثقة على الدين لقوله تعالى فان أمن بعضكم بعضا فإنه يشير إلى أن المراد بالرهن الاستيثاق وإنما قيده بالسفر لأنه مظنة فقد الكاتب فأخرجه مخرج الغالب وخالف في ذلك مجاهد والضحاك فيما نقله الطبري عنهما فقالا لا يشرع الا في السفر حيث لا يوجد الكاتب وبه قال داود وأهل الظاهر وقال ابن حزم أن شرط المرتهن الرهن في الحضر لم يكن له ذلك وأن تبرع به الراهن جاز وحمل حديث الباب على ذلك وقد أشار البخاري إلى ما ورد فبعض طرقه كعادته وقد تقدم الحديث في باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة في أوائل البيوع من هذا الوجه بلفظ ولقد رهن درعا له بالمدينة عند يهودي وعرف بذلك الرد على من اعترض بأنه ليس في الآية والحديث تعرض للرهن في الحضر (قوله حدثنا مسلم بن إبراهيم) تقدم في أوائل البيوع مقرونا بإسناد آخر وساقه هناك على لفظ وهنا على لفظ مسلم بن إبراهيم قوله ولقد رهن درعه هو معطوف على شئ محذوف بينه أحمد من طريق أبان العطار عن قتادة عن أنس أن يهوديا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابه والدرع بكسر المهملة يذكر ويؤنث (قوله بشعير) وقع في أوائل البيوع من هذا الوجه بلفظ ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعا له بالمدينة عند يهودي وأخذ منه شعيرا لأهله وهذا اليهودي هو أبو الشحم بينه الشافعي ثم البيهقي من طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعا له عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير انتهى وأبو الشحم بفتح المعجمة وسكون المهملة اسمه كنيته وظفر بفتح الظاء والفاء بطن من الأوس وكان حليفا لهم وضبطه بعض المتأخرين بهمزة موحدة ممدودة ومكسورة اسم الفاعل من الاباء وكأنه التبس عليه بأبي اللحم الصحابي وكان قدر الشعير المذكور ثلاثين صاعا كما سيأتي للمصنف من حديث عائشة في الجهاد وأواخر المغازي وكذلك رواه أحمد وابن ماجة والطبراني وغيرهم من طريق عكرمة عن بن عباس وأخرجه الترمذي والنسائي من هذا الوجه فقالا بعشرين ولعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة وألغى أخرى ووقع لابن حبان من طريق شيبان عن قتادة عن أنس أن قيمة الطعام كانت دينارا وزاد أحمد من طريق شيبان الآتية في آخره فما وجد ما يفتكها به حتى مات (قوله ومشيت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة) والإهالة بكسر الهمزة وتخفيف الهاء ما أذيب من الشحم والالية وقيل هو كل دسم جامد وقيل ما يؤتدم به من الادهان وقوله سنخة بفتح المهملة وكسر النون بعدها معجمة مفتوحة أي المتغيرة الريح ويقال فيها بالزاي أيضا ووقع لأحمد من طريق شيبان عن قتادة عن أنس لقد دعى نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على خبز شعير وإهالة سنخة فكأن اليهود دعا النبي صلى الله عليه وسلم على لسان أنس فلهذا قال مشيت إليه بخلاف ما يقتضيه ظاهره أنه حضر ذلك إليه (قوله ولقد سمعته) فاعل سمعت أنس والضمير للنبي صلى الله عليه وسلم وهو فاعل يقول وجزم الكرماني بأنه أنس وفاعل سمعت قتادة وقد أشرت إلى الرد عليه في أوائل البيوع وقد أخرجه أحمد وابن ماجة من طريق شيبان المذكورة بلفظ ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفس محمد بيده فذكر الحديث لفظ بن ماجة وساقه أحمد بتمامه (قوله ما أصبح لآل محمد الا صاع ولا أمسى) كذا للجميع وكذا ذكره الحميدي في الجمع وأخرجه أبو نعيم
(٩٩)