وانما أحتاج إلى ذلك لأنه كان يعالج بيديه ليصعد من البئر وهو يشعر بأن الصعود منها كان عسرا (قوله ثم رقي) بفتح الراء وكسر القاف كصعد وزنا ومعنى وذكره بن التين بفتح القاف بوزن مضى وأنكره وقال عياض في المشارق هي لغة طي يفتحون العين فيما كان من الافعال معتل اللام والأول أفصح وأشهر (قوله فسقى الكلب) زاد عبد الله بن دينار عن أبي صالح حتى أرواه أي جعله ريانا وقد مضى في الطهارة (قوله فشكر الله له) أي أثنى عليه أو قبل عمله أو جازاه بفعله وعلى الأخير فالفاء في قوله فغفر له تفسيرية أو من عطف الخاص على العام وقال القرطبي معنى قوله فشكر الله له أي أظهر ما جازاه به عند ملائكته ووقع في رواية عبد الله بن دينار بدل فغفر له فأدخله الجنة وكذا في رواية بن حبان (قوله قالوا) سمي من هؤلاء السائلين سراقة بن مالك بن جعشم رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان (قوله وأن لنا) هو معطوف على شئ محذوف تقديره الامر كما ذكرت وأن لنا في البهائم أي في سقي البهائم أو الاحسان إلى البهائم أجرا (قوله في كل كبد رطبة أجر) أي كل كبد حية والمراد رطوبة الحياة أو لان الرطوبة لازمة للحياة فهو كناية ومعنى الظرفية هنا أن يقدر محذوف أي الاجر ثابت في ارواء كل كبد حية والكبد يذكر ويؤنث ويحتمل أن تكون في سببية كقولك في النفس الدية قال الداودي المعنى في كل كبد حي أجر وهو عام في جميع الحيوان وقال أبو عبد الملك هذا الحديث كان في بني إسرائيل وأما الاسلام فقد أمر بقتل الكلاب وأما قوله في كل كبد فمخصوص ببعض البهائم مما لا ضرر فيه لان المأمور بقتله كالخنزير لا يجوز أن يقول يزداد ضرره وكذا قال النووي ان عمومه مخصوص بالحيوان المحترم وهو ما لم يؤمر بقتله فيحصل الثواب بسقيه ويلتحق به اطعامه وغير ذلك من وجوه الاحسان إليه وقال ابن التين لا يمتنع اجراؤه على عمومه يعنى فيسقى ثم يقتل لأنا أمرنا بأن نحسن القتلة ونهينا عن المثلة واستدل به على طهارة سؤر الكلب وقد تقدم البحث في ذلك في كتاب الطهارة ومما قيل في الرد على من استدل به أنه فعل بعض الناس ولا يدري هل هو كان ممن يقتدى به أم لا والجواب أنا لم نحتج بمجرد الفعل المذكور بل إذا فرعنا على أن شرع من قبلنا شرع لنا فأنا لا نأخذ بكل ما ورد عنهم بل إذا ساقه إمام شرعنا مساق المدح ان علم ولم يقيده صح الاستدلال به وفي الحديث جواز السفر منفردا وبغير زاد ومحل ذلك في شرعنا ما إذا لم يخف على نفسه الهلاك وفيه الحث على الاحسان إلى الناس لأنه إذا حصلت المغفرة بسبب سقي الكلب فسقي المسلم أعظ أجرا واستدل به على جواز صدقة التطوع للمشركين وينبغي أن يكون محله ما إذا لم يوجد هناك مسلم فالمسلم أحق وكذا إذا دار الامر بين البهيمة والآدمي المحترم واستويا في الحاجة فالآدمي أحق والله أعلم ثم ذكر المصنف في الباب حديثي أسماء بنت أبي بكر وابن عمر في قصة المرأة التي ربطت الهرة حتى ماتت فدخلت النار وسيأتى الكلام عليه في بدء الخلق وتقدم حديث أسماء بأتم من هذا في أوائل صفة الصلاة وأما حديث بن عمر فذكر الدارقطني أن معن بن عيسى تفرد بذكره في الموطأ قال ورواه في غير الموطأ بن وهب والقعنبي وابن أبي أويس ومطرف ثم ساقه من طرقهم وأخرجه الإسماعيلي من طريق معن وابن وهب وأخرجه أبو نعيم من طريق القعنبي ومناسبة حديث الهرة للترجمة من جهة أن المرأة عوقبت على كونها لم تسقها فمقتضاه أنها لو سقتها لم تعذب قال بن المنير دل
(٣٢)