الآخرين (قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم اعدلوا بين أولادكم في العطية) سيأتي موصولا في الباب الذي بعده بدون قوله في العطية وهي بالمعنى وقد أخرجه الطحاوي من طريق مغيرة عن الشعبي عن النعمان فذكر هذه الزيادة ولفظه سووا بين أولادكم في العطية كما تحبون ان يسووا بينكم في البر ويأتي حديث بن عباس أيضا في أواخر الباب (قوله وهل للوالد أن يرجع في عطيته) يعني لولده وما يأكل من مال ولده بالمعروف ولا يتعدى اشتملت هذه الترجمة على أربعة أحكام * الأول الهبة للولد وإنما ترجم به ليرفع اشكال من يأخذ بظاهر الحديث المشهور أنت ومالك لأبيك لان مال الولد إذا كان لأبيه فلو وهب الأب ولده شيئا كان كأنه وهب نفسه ففي الترجمة إشارة إلى ضعف الحديث المذكور أو إلى تأويله وهو حديث أخرجه ابن ماجة من حديث جابر قال الدارقطني غريب تفرد به عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ويوسف ابن إسحاق بن أبي إسحاق عن بن المنكدر وقال بن القطان إسناده صحيح وقال المنذري رجاله ثقات وله طريق أخرى عن جابر عند الطبراني في الصغير والبيهقي في الدلائل فيها قصة مطولة وفي الباب عن عائشة في صحيح بن حبان وعن سمرة وعن عمر كلاهما عند البزار وعن بن مسعود عند الطبراني وعن بن عمر عند أبي يعلى فمجموع طرقه لا تحطه عن القوة وجواز الاحتجاج به فتعين تأويله الحكم الثاني العدل بين الأولاد في الهبة وهي من مسائل الخلاف كما سيأتي وحديث الباب عن النعمان حجة من أوجبه الثالث رجوع الوالد فيما وهب للولد وهي خلافية أيضا ومنهم من فرق بين الصدقة والهبة فلا يرجع في الصدقة لأنه يراد بها ثواب الآخرة وحديث الباب ظاهر في الجواز كما سيأتي أيضا وكأنه أشار إلى حديث لا يحل لرجل يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها الا الوالد فيما يعطي ولده أخرجه أبو داود وابن ماجة بهذا اللفظ من حديث بن عباس وابن عمر ورجاله ثقات الرابع أكل الوالد من مال الولد بالمعروف قال ابن المنير وفيه انتزاعه من حديث الباب خفاء ووجهه أنه لما جاز للأب بالاتفاق أن يأكل من مال ولده إذا أحتاج إليه فلان يسترجع ما وهبه له بطريق الأولى (قوله واشترى النبي صلى الله عليه وسلم من عمر بعيرا ثم أعطاه بن عمر وقال أصنع به ما شئت) هو طرف من حديث تقدم موصولا في البيوع ويأتي أيضا موصولا بعد أثنى عشر بابا وقال بن بطال مناسبة حديث بن عمر للترجمة انه صلى الله عليه وسلم لو سأل عمر أن يهب البعير لابنه عبد الله لبادر إلى ذلك لكنه لو فعل لم يكن عدلا بين بني عمر فلذلك اشتراه صلى الله عليه وسلم منه ثم وهبه لعبد الله قال المهلب وفي ذلك دلالة على أنه لا تلزم المعدلة فيما يهبه غير الأب لولد غيره وهو كما قال (قوله عن النعمان بن بشير) كذا لأكثر أصحاب الزهري وأخرجه النسائي من طريق الأوزاعي عن بن شهاب أن محمد بن النعمان وحميد بن عبد الرحمن حدثاه عن بشير بن سعد جعله من مسند بشير فشذ بذلك والمحفوظ انه عنهما عن النعمان وبشير والد النعمان هو بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس بضم الجيم وتخفيف اللام الخزرجي صحابي شهير من أهل بدر وشهد غيرها ومات في خلافة أبي بكر سنة ثلاث عشرة ويقال إنه أول من بايع أبا بكر من الأنصار وقيل عاش إلى خلافة عمر وقد روى هذا الحديث عن النعمان عدد كثير من التابعين منهم عروة بن الزبير عند مسلم والنسائي وأبي داود وأبو الضحى عند النسائي وابن حبان وأحمد والطحاوي والمفضل بن المهلب عند أحمد وأبي داود والنسائي
(١٥٥)