مدرجا محمد بن وضاح وآخرون والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعان وفاقا لعمل صاحبي الصحيح وقال بن المواق والانصاف أن لا نوهم الجماعة بقول واحد مع احتمال أن يكون سمع قتادة يفتى به فليس بين تحديثه به مرة وفتياه به أخرى منافاة (قلت) ويؤيد ذلك أن البيهقي أخرج من طريق الأوزاعي عن قتادة أنه أفتى بذلك والجمع بين حديثي بن عمر وأبي هريرة ممكن بخلاف ما جزم به الإسماعيلي قال بن دقيق العيد حسبك بما اتفق عليه الشيخان فإنه أعلى درجات الصحيح والذين لم يقولوا بالاستسعاء تعللوا في تضعيفه بتعليلات لا يمكنهم الوفاء بمثلها في المواضع التي يحتاجون إلى الاستدلال فيها بأحاديث يرد عليها مثل تلك التعليلات وكأن البخاري خشي من الطعن في رواية سعيد بن أبي عروبة فأشار إلى ثبوتها بإشارات خفية كعادته فإنه أخرجه من رواية يزيد بن زريع عنه وهو من أثبت الناس فيه وسمع منه قبل الاختلاط ثم استظهر له برواية جرير بن حازم بمتابعته لينفي عنه التفرد ثم أشار إلى أن غيرهما تابعهما ثم قال اختصره شعبة وكأنه جواب عن سؤال مقدر وهو أن شعبة أحفظ الناس لحديث قتادة فكيف لم يذكر الاستسعاء فأجاب بأن هذا لا يؤثر فيه ضعفا لأنه أورده مختصرا وغيره ساقه بتمامه والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد والله أعلم وقد وقه ذكر الاستسعاء في غير حديث أبي هريرة أخرجه الطبراني من حديث جابر وأخرجه البيهقي من طريق خالد بن أبي قلابة عن رجل من بنى عذرة وعمدة من ضعف حديث الاستسعاء في حديث بن عمر قوله وإلا فقد عتق منه ما عتق وقد تقدم أنه في حق المعسر وأن المفهوم من ذلك أن الجزء الذي لشريك المعتق باق على حكمة الأول وليس فيه التصريح بأن يستمر رقيقا ولا فيه التصريح بأنه يعتق كله وقد احتج بعض من ضعف رفع الاستسعاء بزيادة وقعت في الدارقطني وغيره من طريق إسماعيل بن أمية وغيره عن نافع عن بن عمر قال في آخره ورق منه ما بقي وفي إسناده إسماعيل بن مرزوق الكعبي وليس بالمشهور عن يحيى بن أيوب وفي حفظه شئ عنهم وعلى تقدير صحتها فليس فيها أنه يستمر رقيقا بل هي مقتضى المفهوم من رواية غيره وحديث الاستسعاء فيه بيان الحكم بعد ذلك فللذي صحح رفعه أن يقول معنى الحديثين أن المعسر إذا أعتق حصته لم يسر العتق في حصة شريكه بل تبقى حصة شريكه على حالها وهي الرق ثم يستسعى في عتق بقيته فيحصل ثمن الجزء الذي لشريك سيده ويدفعه إليه ويعتق وجعلوه في ذلك كالمكاتب وهو الذي جزم به البخاري والذي يظهر أنه في ذلك باختياره لقوله غير مشقوق عليه فلو كان ذلك على سبيل اللزوم بأن يكلف العبد الاكتساب والطلب حتى يحصل ذلك لحصل له بذلك غاية المشقة وهو لا يلزم في الكتابة بذلك عند الجمهور لأنها غير واجبة فهذه مثلها وإلى هذا الجمع مال البيهقي وقال لا يبقى بين الحديثين معارضة أصلا وهو كما قال الا أنه يلزم منه أن يبقى الرق في حصة الشريك إذا لم يختر العبد الاستسعاء فيعارضه حديث أبي المليح عن أبيه أن رجلا أعتق شقصا له من غلام فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ليس لله شريك وفي رواية فأجاز عتقه أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد قوي وأخرجه أحمد بإسناد حسن من حديث سمرة أن رجلا أعتق شقصا له في مملوك فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو كله فليس لله شريك ويمكن حمله على ما إذا كان المعتق غنيا أو على ما إذا كان جميعه له فأعتق بعضه فقد روى أبو داود من طريق ملقام بن التلب عن أبيه أن رجلا أعتق نصيبه من
(١١٤)