أي ذكر أرجو بقاءه؟ ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره إلا أن يقول قائل: أبو بكر. ثم ملك أخو عدي، فأجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر.
وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات (أشهد أن محمدا رسول الله) فأي عمل يبقى؟ وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟ لا والله إلا دفنا دفنا 1.
وبسبب كل ذلك انتشر " حديث كثير موضوع وبهتان منتشر " 2 والأنكى من ذلك رؤية المسلمين لمقام الخلافة فقد كانوا يرونه مصداقا لاولى الامر في قوله تعالى " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم " واغرموا بحب الخلفاء إلى حد انهم سموا كل مخالفة منهم لاحكام القرآن وسنة الرسول اجتهادا، وعلى امتداد الأيام تعاظم عندهم مقام الخلافة حتى أصبح في نظرهم حكمهم خلافة الله في الأرض بعد إن كان خلافة الرسول فقد كتب مروان بن محمد وكان واليا على أرمينية إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق لما استخلف " يبارك له خلافة الله له على عباده " 3 وهذا الوليد هو الذي سعى اخوه سليمان في قتله وقال: " اشهد أنه كان شروبا للخمر ماجنا فاسقا ولقد أرادني على نفسي " وارد الوليد ان يشرب الخمر فوق ظهر الكعبة ولما قيل في مجلس المهدي انه كان زنديقا قال المهدي: " خلافة الله عنده أجل من أن يجعلها في زنديق " 4.
وروى أبو داود في سننه عن سليمان الأعمش، قال: جمعت مع الحجاج فخطب... قال فيها:... فاسمعوا وأطيعوا لخليفة الله وصفيه عبد الملك بن مروان 5.
وروى أبو داود والمسعودي وابن عبد ربه واللفظ للأول. عن الربيع بن خالد الضبي قال سمعت الحجاج يخطب فقال في خطبته: رسول أحدكم في حاجته أكرم عليه أم خليفته في أهله 6.