أجمعوا على هذا القول في حق الصحابة حتى عصر معاوية، وقال بعضهم: ان ذلك يجري حتى عصر يزيد كما قاله ابن خلدون عمن كان يومذاك قال: إن منهم من رأى الانكار على يزيد ومنهم من رأى محاربته ثم قال: " وهذا كان شأن جمهور المسلمين والكل مجتهدون ولا ينكر على أحد من الفريقين، فمقاصدهم في البر وتحري الحق معروفة، وفقنا الله للاقتداء بهم " 1.
لست أدري إن كان كل هؤلاء مجتهدين لادراكهم صحبة الرسول فما بال قتلة عثمان ولم لم يعدوا من المجتهدين! قال ابن حزم بعد ما سبق ذكره في باب اجتهاد أبي الغادية قاتل عمار:
" وليس هذا كقتلة عثمان (رض) لأنه لا مجال للاجتهاد في قتله، لأنه لم يقتل أحدا ولا حارب ولا قاتل ولا دافع ولا زنا بعد إحصان ولا ارتد فيسوغ المحاربة تأويل، بل هم فساق محاربون سافكون دما حراما عمدا بلا تأويل على سبيل الظلم والعدوان فهم فساق ملعونون " 2.
وقال ابن الحجر الهيتمي: " ان الذي ذهب إليه كثيرون من العلماء ان قتلة عثمان لم يكونوا بغاة، وإنما كانوا ظلمة وعتاة لعدم الاعتداد بشبههم، ولأنهم أصروا على الباطل بعد كشف الشبهة وايضاح الحق لهم، وليس كل من انتحل شبهة يصير بها مجتهدا لان الشبهة تعرض للقاصر عن درجة الاجتهاد " 3.
لست أدري إذا كيف أصبح قاتل الإمام علي مجتهدا متأولا وقد ضربه بالسيف في الصلاة وبمحراب مسجد الكوفة كما يأتي التصريح به في ما يلي:
ك - المجتهد المتأول عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي قال ابن حزم في المحلى، وابن التركماني في الجوهر النقي، واللفظ للأول:
" لا خلاف بين أحد من الأمة في أن عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليا إلا متأولا مجتهدا مقدرا انه على صواب، وفي ذلك يقول عمران بن حطان شاعر الصفرية:
يا ضربة من تقي ما أراد بها * إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا