كان والحديثان المرويان عن معاذ وابن العاص ان صح سندهما أيضا استعمل فيها " اجتهد " في معناه اللغوي المذكور.
ثم إن مورد الحديثين خارج عن محل النزاع فان موردهما باب القضاء ومحل النزاع جواز تشريع الاحكام من قبل المجتهدين، وكذلك الحال في الكتاب المنسوب إلى عمر وكذلك الامر في غيرها مما استدلوا به فإنها رغم ضعف اسنادها إلى حد الاطمينان بأنها موضوعة فان موارد جميعها شؤون القضاء وليس التشريع.
وفي مورد القضاء أيضا لا تدل الأحاديث المذكورة على جواز تشريع القضاة لمورد حاجتهم ففي حديث معاذ مثلا الذي ظنوا ان فيه دلالة على دعواهم قد وهموا فيه فان مغزى الحديث ان الاحكام الاسلامية وردت في الكتاب والسنة على ضربين منها ما ورد في أحدهما أو كليهما منصوصا على القضية الجزئية ومنها ما ورد بيانه ضمن قاعدة كلية وعلى الحاكم ان يبذل جهده ليتعرف على الحكم الكلي الذي ينطبق على مورد حاجته وهذا هو الاجتهاد اللغوي الذي هو بمعنى بذل الجهد في البحث عن الحكم المطلوب.
غير أن كيفية استشهاد علماء مدرسة الخلافة بهذا الحديث تدل على أنهم يقولون إن التشريع الاسلامي الذي بلغه الرسول كان ناقصا في بعض جوانبه مما احتاج معه الحكام والقضاء والمفتون ان يشرعوا بآرائهم احكاما لقضايا أهمل حكمها في الاسلام، ويأتي مزيد بيان له بعد عرض كيفية استخراج القواعد من عمل الصحابة في ما يلي:
استخراج القواعد من عمل الصحابة قال الدواليبي في تعريف الاجتهاد: انه رأي غير مجمع عليه وقال: فإذا أجمع عليه فهو الاجماع ولذلك فالاجتهاد بعد الاجماع في المنزلة 1.
وقسم أنواع الاجتهاد إلى ثلاثة:
أولا: البيان والتفسير لنصوص الكتاب والسنة 2.
ثانيا: القياس على الأشباه مما في الكتاب والسنة.
ثالثا: الرأي الذي لا يعتمد على نص خاص، وإنما على روح الشريعة المبثوثة في جميع نصوصها معلنة: " ان غاية الشرع إنما هي المصلحة، وحيثما وجدت المصلحة فثم