لعل الخليفة صرح بهذه الأقوال ليمنع سائر الصحابة من متابعة الامام والرواية عن رسول الله بما يضعف موقفه ونرى أنه كشف عن سبب نهيه في قوله: كرهت ان يظلوا معرسين بهن تحت الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤسهم وفي قوله:
ان أهل البيت - يعني أهل مكة - ليس لهم ضرع ولا زرع وإنما ربيعهم في من يطرأ عليهم 1.
إذا فالخليفة القرشي يعيد على عهده نفس الأقوال التي جابهوا الرسول بها لما امتنعوا عن عمرة التمتع في حجة الوداع.
وحق القول في هذه الواقعة ان الخليفة تأول وطلب الخير لذوي أرومته من قريش سكان مكة حين نهى عن عمرة التمتع وأراد تمام الحج والعمرة حين أمر بفصل الحج عن العمرة واتيان العمرة في غير أشهر الحج وان خالف في ذلك كتاب الله وسنة نبيه واستن بسنته المسلمون على عهده وافردوا الحج وتبعه في ذلك الخليفة القرشي عثمان فإنه قال على عهده أتم للحج والعمرة ان لا يكونا معا في أشهر الحج فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا البيت زورتين كان أفضل فعارضه الامام وقال: أعمدت إلى سنة سنها رسول الله تنهى عنها وقد كانت لذي الحاجة ولنائي الدار ثم أهل بحجة وعمرة فأنكر عثمان في هذه المرة أن يكون قد نهى عنها وقال: إنما كان رأيا أشرت به.
وفى أخرى قال له الامام: انك تنهى عن التمتع، قال: بلى! قال: ألم تسمع رسول الله تمتع قال: بلى، فلبى علي وأصحابه بالعمرة.
وفي أخرى قال: لقد علمت انا تمتعنا مع رسول الله فقال أجل ولكنا كنا خائفين.
وفي أخرى قال له: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله تنهى عنه فقال عثمان دعنا عنك، قال: لا أستطيع ان أدعك مني فلما رآى علي ذلك أهل بهما.
وفي أخرى لما رآى الامام عثمان ينهى عن المتعة وان يجمع بينهما أهل بهما لبيك بعمرة وحجة معا فقال عثمان أتفعلها وانا انهى عنها فقال علي: لم أكن لأدع سنة رسول الله لقول أحد من الناس.
وتشدد الخليفة على من لم يكن في منزلة الامام وأمر بمن لبى منهم بالعمرة في أشهر الحج ان يضرب ويلحق!