" ان الله تعالى قد ادخل عليكم في حجكم هذا عمرة، فإذا قدمتم فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل الا من كان معه هدى. وفى سرف بلغ ذلك عامة أصحابه فقال: من لم يكن معه هدي فأحب ان يجعلها عمرة فليفعل. قالت عائشة: فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه، وكرر التبليغ بها في بطحاء مكة وقال " من شاء ان يجعلها عمرة فليجعلها ".
قال المؤلف: يظهر مما سبق ان النبي تدرج في تبليغهم حكم عمرة التمتع فإنه أخبر في العقيق عمر خاصة بنزول الوحي عليه يأمره ان يجمع هو بنفسه (ص) بين الحج والعمرة، وفي عسفان بلغ سراقة ان الله ادخل عليهم في حجهم الذي هم فيه عمرة وان من تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل الا من كان معه الهدي، وفي سرف بلغ عامة أصحاب بالحكم فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه، ويظهر ان التارك لها من أصحابه كانوا من مهاجرة قريش الذين كانوا يرونها في الجاهلية من افجر الفجور وان من أجل ذلك تدرج الرسول في تبليغهم حكم التمتع بالعمرة.
حتى إذا كان بين الصفا والمروة 1 وحان وقت الأداء نزل عليه القضاء فأمر أصحابه وهو في آخر طوافه على المروة من كان منهم أهل بالحج ولم يكن معه هدي ان يجعلها عمرة وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولكني لبدت رأسي وسقت هديي ولا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله. فقام إليه سراقة وقال:
اقض لنا قضاء قوم ولدوا اليوم أعمرتنا لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال " لا: بل للأبد " مرتين وشبك أصابعه واحدة في الأخرى وقال " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " مرتين.
هاهنا قامت قيامة من كان يرى العمرة محرمة في أشهر الحج من أصحابه وتعاظم ذلك عندهم وضاقت به صدورهم فقالوا: يا رسول الله! اي الحل؟ قال:
" الحل كله " " هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهدي فليحل الحل كله فان العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة " وقال " أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم متعة " قالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟! قال " افعلوا ما آمركم به فاني لولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به " وقال " أحلوا وأصيبوا النساء " ففشت في ذلك القالة وبلغه انهم يقولون