نعالجها ونجتهد ونرجوا أن تسلم، فاغتم لذلك دعبل غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما، ثم إنه ذكر ما كان معه من وصلة الجبة فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح ما كانتا قبل، ببركة أبي الحسن الرضا عليه السلام (1).
قال الإربلي: ومنها قصة دعبل بن علي الخزاعي الشاعر، قال دعبل: لما قلت مدارس آيات، قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام وهو بخراسان ولي عهد المأمون في الخلافة، فوصلت المدينة وحضرت عنده وأنشدته إياها فاستحسنها وقال لي: لا تنشدها أحدا حتى آمرك. واتصل خبري بالخليفة المأمون فأحضرني وسائلني عن خبري.
ثم قال يا دعبل: أنشدني (مدارس آيات خلت من تلاوة) فقلت: ما أعرفها يا أمير المؤمنين فقال: يا غلام أحضرنا أبا الحسن علي بن موسى الرضا، قال:
فلم تكن إلاع ساعة حتى حضر، فقال له: يا أبا الحسن سألت دعبلا عن (مدارس آيات) فذكر أنه لا يعرفها: فقال لي: أبو الحسن: يا دعبل أنشد أمير المؤمنين فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها وأمر لي بخمسين ألف درهم وأمر لي أبو الحسن علي بن موسى الرضا بقريب من ذلك.
فقلت يا سيدي إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني، فقال:
نعم، ثم دفع إلي قميصا قد ابتذله ومنشفة لطيفة وقال لي: احفظ هذا تحرس به.
ثم دفع إلي ذو الرياستين أبو العباس الفضل بن سهل وزير المأمون صلة وحملني على برذون أصفر خراساني وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز وبرنس منه، فأمر لي به ودعا بغيره جديد فلبسه، وقال: إنما آثرتك للبس لأنه خير الممطرين قال فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، ثم كررت راجعا إلى العراق.