فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا، وكان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص وضر شديد وأنا متأسف من جميع ما كان معي على القميص والمنشفة، ومتفكر في قول سيدي الرضا إذا مر بي واحد من الأكراد الحرامية تحته الفرس الأصفر الذي حملني عليه ذو الرياستين وعليه الممطر ووقف بالقرب مني ليجتمع عليه أصحابه وهو ينشد: (مدارس آيات خلت من تلاوة) ويبكي.
فلما رأيت ذلك منه عجبت من لص من الأكراد يتشيع (1)، ثم طمعت في القميص والمنشفة فقلت يا سيدي لمن هذه القصيدة؟ فقال وما أنت وذاك فقلت: لي فيه سبب أخبرك به، فقال: هي أشهر بصاحبها أن تجهل، فقلت: من هو؟ قال: دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا، فقلت له: والله يا سيدي أنا دعبل وهذه قصيدتي فقال: ويلك ما تقول: قلت: الأمر أشهر من ذلك، فأرسل إلى أهل القافلة، فاستحضر منهم جماعة وسألهم عني.
فقالوا بأسرهم: هذا دعبل بن علي الخزاعي فقال: قد أطلقت كلما أخذ من القافلة خلالة فما فوقها كرامة لك، ثم نادى في أصحابه: من أخذ شيئا فليرده، فرجع على الناس جميع ما أخذ منهم ورجع إلى جميع ما كان معي ثم بدرقنا إلى المأمن