التساؤل لأصبح ذلك مستحيلا. ويبدو أن النتيجة العملية للرؤيا هي شئ أكثر شمولا كالشعور بأن هذه المقاطع هي رسائل من عند الله وانه كان على محمد أن يعلنها أمام الناس، وهذا يفترض أن محمدا كان قد نزل عليه الوحي سابقا، ولكنه لم يكن واثقا من طبيعة الوحي الذي ينزل عليه، وقد أخبر الآن أو انه تلقى تأكيدا بصدده. ويمكن أن تكون الرؤيا، من ناحية ثانية، دعوة لطلب الوحي، كما يمكن أن يكون محمدا قد عرف شيئا ما عن الوسائل الخاصة لاثارته والافتراض الأخير هو الأقرب. ويجب أن نلاحظ بصدد هذا أن ما (1) كان يوحى إليه كان " مسلكه العملي " الذي يسير عليه. ومعنى الرويا، في هذه الحالة، معنى عام، يتفق تماما مع النص (ب) ويمكن أن لا تكون كلمات " رسول الله " تعبيرا خارجيا كما يمكن أن لا تكون تعبيرا خياليا بل تعبيرا فكريا، أي انه لم يسمع ولم يخيل إليه أنه يسمع، إذ أن هاتين الكلمتين كانتا تعلنان عن رسالة وصلته بدون كلمات. فصورة الكلمتين لاحقة للرؤيا.
هل يمكن لمغامرة من هذا النوع أن تتكرر؟
ليس هذا مستحيلا تماما، ويتضمن جمع الرؤيين في سورة النجم بعض الشبه في محتواهما. ولا نجد من ناحية ثانية، أي ذكر للوحي في وصف الرؤيا الثانية، ومن المتفق عليه عادة أننا بصدد إشارة إلى الجنة ولا تساعدنا المقاطع (ج) و (د) و (ط) بأي شكل. وليس المقطعان الأخيران نداءا لمحمد أكثر منهما تأكيدا وتذكيرا بالنداء الأول. ومن الطبيعي الافتراض أن محمدا قد تذكر رؤياه الأولى في ساعات الشقاء.
وربما ساورته الفكرة في ساعة الشدة فنسب ذلك لتدخل خارق. ومهما كانت الوقائع بصدد ذكريات من هذا النوع، فإنه ليس لها أهمية التجربة الأصلية.