و - أيضا - قال مونتجومري في كتابه محمد في مكة (1):
يحق لنا الاعتقاد بأن محمدا، في أول دعوته، قد لقى بعض النجاح. ولكن المعارضة مع ذلك لم تعتم أن ظهرت ثم أصبحت ضخمة. ويعترضنا هنا سؤالان:
متى وكيف ظهرت هذه المعارضة، وعلى أي أسباب رئيسية اعتمدت؟ والسؤال الثاني هو الأهم. ومن ذلك علينا أن نحاول الإجابة أولا على السؤال الأول.
أ - رسالة عروة:
حفظ لنا الطبري نسخة عن وثيقة كتبت منذ زمن بعيد وتبدو عليها مظاهر الصحة:
قد حدثنا هشام بن عروة عن عروة انه كتب إلى عبد الملك بن مروان: أما بعد فإنه - يعني رسول الله (ص) - لما دعا قومه لما بعثه الله من الهدى والنور الذي نزل عليه، لم يبعدوا منه أول ما دعاهم وكادوا يسمعون له، حتى ذكر طواغيتهم. وقدم ناس من الطائف من قريش لهم أموال، أنكروا ذلك عليه، واشتدوا عليه، وكرهوا ما قال لهم وأغروا به من أطاعهم فانصفق عنه عامة الناس، فتركوه إلا من حفظ الله منهم، وهم قليل فمكث بذلك ما قدر الله أن يمكث.
ثم ائتمرت رؤوسهم بأن يفتنوا من تبعه عن دين الله من أبنائهم وإخوانهم وقبائلهم، فكانت فتنة شديدة الزلزال على من اتبع رسول (ص) من أهل الاسلام، فافتتن من اففتق وعصم الله منهم من شاء، فلما فعل ذلك بالمسلمين أمرهم رسول الله (ص) أن يخرجوا إلى أرض الحبشة. وكان بالحبشة ملك صالح يقال له النجاشي، لا يظلم أحد بأرضه، وكان يثني عليه، مع ذلك صلاح، وكانت