قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنه من الخزرج، ولو كان من الأوس ما قلت ذلك، ولكنك تأخذنا بذحول (1) كانت بيننا وبينك في الجاهلية، وقد محا الله ذلك!
فقال أسيد بن حضير: كذبت والله، لنقتلنه وأنفك راغم فإنك منافق تجادل عن المنافقين! والله، لو نعلم ما يهوى رسول الله من ذلك في رهطي الأدنين ما رام رسول الله مكانه حتى آتيه برأسه؟ ولكني لا أدري ما يهوى رسول الله! قال سعد ابن عبادة: تأبون يا آل أوس إلا أن تأخذونا بذحول كانت في الجاهلية والله ما لكم بذكرها حاجة، وإنكم لتعرفون لمن الغلبة فيها. وقد محا الله بالاسلام ذلك كله. فقام أسيد بن حضير فقال: قد رأيت موطننا يوم بعاث! ثم تغالظوا، وغضب سعد بن عبادة فنادى: يا آل خزرج! فانحازت الخزرج كلها إلى سعد بن عبادة. ونادى سعد بن معاذ: يا آل أوس! فانحازت الأوس كلها إلى سعد بن معاذ. وخرج الحارث بن حزمة مغيرا حتى أتى بالسيف يقول: أضرب به رأس النفاق وكهفه. فلقيه أسيد بن حضير وهو في رهطه وقال: ارم به، يحمل السلاح من غير أمر رسول الله! لو علمنا أن لرسول الله في هذا هوى أو طاعة ما سبقتنا إليه. فرجع الحارث (2) واصطفت الأوس والخزرج، وأشار رسول الله (ص) إلى الحيين جميعا أن اسكتوا، ونزل عن المنبر فهدأهم وخفضهم حتى انصرفوا.
قالت عائشة: وجاء رسول الله (ص) فدخل علي فجلس عندي، وقد مكث شهرا قبل ذلك لا يوحى إليه في شأني. قالت: فتشهد رسول الله (ص) حين جلس، ثم قال: أما بعد يا عائشة، فإنه بلغني كذا وكذا، فإن كنت بريئة يبرئك الله، وإن كنت ألممت بشئ مما يقول الناس فاستغفري الله عز وجل، فإن العبد إذا