وحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل اناء بالذي فيه ينضح وأشار إلى تلك القصة السيد حيدر الحلي رحمه الله في قصيدته الدالية:
فسل عبد شمس هل يرى جرم هاشم * إليه سوى ما كان أسداه من يد فقل لأبي سفيان ما أنت ناقم * امنك يوم الفتح ذنب محمد (في البحار) فدخل النبي (ص) مكة وقت الظهيرة، فأمر بلالا فصعد على ظهر الكعبة فأذن، فما بقي صنم إلا سقط على وجهه. فلما سمع وجوه قريش الاذان قال بعضهم في نفسه: الدخول في بطن الأرض خير من سماع هذا، وقال الآخر: الحمد لله الذي لم يعش والدي إلى هذا اليوم حتى يسمع صوت هذا الحبشي، فقال عكرمة: أكره إن اسمع صوت أبي رياح ينهق على الكعبة، وقال الآخر: هي كعبة الله وهو يرى ولو شاء لغير.
وقال أبو سفيان: لا أقول شيئا لو نطقت لظننت إن هذه الجدر ستخبر به محمد فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاتى بهم، فقال النبي (ص): يا فلان قد قلت في نفسك كذا ويا فلان قد قلت في نفسك كذا، فقال أبو سفيان: أنت تعلم اني لم أقل شيئا فقال نستغفر الله ونتوب إليه قد والله يا رسول الله قلنا، فقال (ص): اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، فاسلم عتاب وحسن إسلامه فولاه رسول الله (ص) مكة، وأغلق عثمان بن أبي طلحة العبدي باب البيت وصعد السطح فطلب النبي (ص) المفتاح منه فقال لو علمت إنه رسول الله لم امنعه فصعد علي بن أبي طالب (ع) السطح وألوى يده واخذ المفتاح منه وفتح الباب، فدخل النبي (ص) فيه فصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح فنزل (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) فأمر النبي إن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان يا علي أكرهت واخذت ثم جئت برفق وأديت فقال: لقد أنزل الله في شأنك وقرأ الآية فاسلم عثمان فاقره النبي (ص).
وفي رواية أخرى: لما فتح مكة قال (ص): عند من المفتاح؟ قالوا: عند أم شيبة فقال (ص) لشيبة اذهب إلى أمك فقل لها ترسل بالمفتاح فقالت: قل له قتلت مقاتلنا وتريد أن تأخذ منا مكرمتنا، فقال: لترسلن به أو لقتلتك فأرسلت به فأخذه وفتحه وصلى فيه ورده إلى الغلام وقال: رده إلى أمك.
وكان رسول الله (ص): قد عهد إلى المسلمين أن لا يقتلوا بمكة إلا من قاتلهم