الناس فاجتمعوا إلى المسجد حتى صلى بهم ثم صعد النبي (ص) وأخذ الكتاب بيده وقال: أيها الناس اني كنت سألت الله عز وجل أن يخفي اخبارنا عن قريش وان رجلا منكم كتب إلى أهل مكة يخبرهم بخبرنا فليقم صاحب هذا الكتاب، وإلا فضحه الوحي فلم يقم أحد، فأعاد رسول الله مقالته ثانيا وقال: ليقم صاحب الكتاب وإلا فضحه الوحي، فقام حاطب بن أبي بلتعة وهو يرتعد مثل السعفة في يوم الريح العاصف فقال:
يا رسول الله انا صاحب الكتاب، وما أحدثت نفاقا بعد إسلامي ولا شكا بعد يقيني، فقال: فما الذي حملك على أن كتبت هذا الكتاب؟ قال: يا رسول الله ان لي أهلا بمكة وليس لي عشيرة فأشفقت أن تكون الدائرة لهم علينا فيكون كتابي هذا كفا لهم عن أهلي، ويدا لي عندهم وان أهلي وعيالي كتبوا إلي بحسن صنيع قريش إليهم فأحببت ان أجازي قريشا بحسن معاشرتهم، ولم افعل ذلك لشك مني في الدين، فقال عمر: مرني يا رسول الله بقتله فإنه منافق فقال رسول الله (ص): إنه من أهل بدر ولعل الله اطلع عليهم فغفر لهم أخرجوه من المسجد، قال: فجعل الناس يدفعون في ظهره حتى أخرجوه من المسجد وهو يلتفت إلى النبي (ص) ليرق عليه، فأمر رسول الله برده وقال له: قد غفرت عنك فاستغفر ربك ولا تعد لمثل ذلك.
والحاصل: خرج النبي (ص) لفتح مكة في رمضان سنة ثمان من الهجرة، ومعه عشرة آلاف مقاتل، وقصد أن يبعث قريشا قبل أن يعلموا حتى قرب من مكة وكان أبو سفيان وجماعة من قريش قد خرجوا من مكة يتجسسون اخبار رسول الله (ص) والنبي أمر عمه العباس أن يخرج في طلب اخبار قريش فلقي أبا سفيان وجماعة من قريش فاخذهم أسيرا وجاء بهم إلى رسول الله (ص) فاسلموا كرها وخوفا من القتل، فقال رسول الله للعباس، يا عم اذهب بأبي سفيان رسول الله (ص) ليدخل مكة، ويخبرهم بقدوم رسول الله وكثرة المسلمين والعساكر حتى يستسلموا قبل أن يحاربهم رسول الله (ص) ويقاتلهم ففعل ذلك واقبل أبو سفيان يركض وقد سطع الغبار من فوق الجبال وقريش لا تعلم فاستقبله قريش وقالوا ما وراك ما هذا الغبار قال محمد في خلق عظيم ثم صاح يا آل غالب البيوت من دخل داري فهو آمن فسمعت زوجته هند فنادت اقتلوا هذا الشيخ الخبيث