لا تعبد، فلما سمعت الأنصار نداء العباس عطفوا وكسروا جفون سيوفهم وهو يقولون:
لبيك ومروا برسول الله واستحيوا أن يرجعوا إليه ولحقوا بالراية، فقال رسول الله (ص) للعباس: من هؤلاء يا أبا الفضل؟ فقال: يا رسول الله هؤلاء الأنصار، فقام (ص) في ركابي سرجه حتى أشرف على جماعتهم ثم قال: الان حمى الوطيس:
انا النبي لا كذب * انا ابن عبد المطلب فلما كان بأسرع من إن ولى القوم على ادبارهم ونزل النصر من السماء وانهزمت هوازن وكانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو، وانهزموا في كل وجه، وغنم الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أموالهم ونسائهم وذرياتهم وهو قول الله: (لقد نصركم الله) الآية وقوله تعالى: (وانزل سكينته) اي رحمته التي تسكن إليها النفس ويزول معها الخوف.
وروي عن الرضا (ع) قال: السكينة ريح من الجنة لها صورة كصورة وجه الانسان فتكون مع الأنبياء.
وقوله تعالى: (وانزل جنودا لم تروها) أراد به جنودا من الملائكة، وقيل:
إن الملائكة نزلوا يوم حنين لتقوية قلوب المؤمنين وتشجيعهم ولم يباشروا القتال يومئذ ولم يقاتلوا إلا يوم بدر خاصة، وعذب الذين كفروا بالقتل والأسر وسلب الأموال والأولاد.
أقول: عثرت على رواية في البحار عن جابر فأحببت ايرادها، قال جابر: فسرنا يوم حنين حتى إذا استقبلنا وادي حنين كان القوم قد كمنوا في شعاب الوادي ومضايقه فما راعنا إلا كتائب الرجال بأيديها السيوف، والعمد، والقنا، فشدوا علينا شدة رجل واحد فانهزم الناس أجمعين راجعين لا يلوي أحد على أحد، واخذ رسول الله (ص) ذات اليمين وأحدق ببغلته تسعة من بني عبد المطلب، واقبل مالك بن عوف يقول:
أروني محمدا فاروه فحمل على رسول الله فلقيه رجل من المسلمين فالتقيا فقتله مالك وقيل:
إنه أيمن بن أم أيمن، ثم أقدم فرسه فأبى أن يقدم نحو رسول الله (ص) فقالوا: قد سحره محمد فنادى رجل من المشركين ألا بطل السحر اليوم.
وجاء شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ليقتل النبي (ص) أخذا بثار أبيه لأنه قتل يوم أحد فتغشى فؤاده فلم يطق فعرف إنه ممنوع، قال شيبة: لما رأيت رسول الله يوم حنين وقد