لعنه الله من وافد قوم وطليعة قوم قال: ويلك اني رأيت ذات القرون ورأيت ملوك كندة وفتيان حمير ويلك اسكتي فقد والله دنت البينة وجاء الحق.
فلما دخل النبي (ص) مكة، كانت إحدى الرايات بيد سعد بن عبادة وهو ينادي:
اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة أذل الله قريشا، فسمع أبو سفيان، نادى:
يا رسول الله أمرت بقتل قومك إن سعد قال كذا، واني أنشدك الله وقومك فأنت ابر الناس وارحم الناس، وأوصل الناس فوقف النبي (ص) وقال: بل اليوم يوم المرحمة أعز الله قريشا، وأرسل إلى سعد وعزله عن اللواء وقال لعلي (ع): خذ منه الراية وناد فيهم، فاخذ علي (ع) اللواء وجعل ينادي: اليوم يوم المرحمة، ونادى منادي رسول الله (ص): من دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبو سفيان فهو آمن ومن القى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، وأوصى المسلمين أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، فلما دخل جاء حتى انتهى إلى المسجد الحرام اخذ بعضادة الباب قرأ (لا إله إلا الله وحده انجز وعده ونصر عبده واعز جنده وهزم الأحزاب وحده) وقف أبو سفيان ومعاوية وجميع قريش خائفين فقال النبي (ص): يا معشر قريش ما ترون اني فاعل بكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم لقد قدرت، فبكى رسول الله (ص) وقال: ما أقول لكم إلا ما قال أخي يوسف (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين) ألا لبئس جيران النبي أنتم فلقد كذبتموني وطردتموني وآذيتموني وأخرجتموني ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني، اذهبوا فأنتم الطلقاء، فكأن هذه العبارة صارت علما لهؤلاء من ذلك اليوم.
ويقال لأبي سفيان ومعاوية وغيرهم من قريش الطلقاء - يعني طلقاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - والى هذا أشارت الحوراء في خطبتها في مجلس يزيد بقولها عليها السلام أمن العدل يا بن الطلقاء - يعني يا يزيد - أتعرف من أنت ومن أبوك وجدك؟ أو تدري ما صنع جدي مع جدك وأبيك في يوم فتح مكة حين مكنه الله من رقابهم؟ وسلطه عليهم واخذهم اسراء، فكلما أراد أن يفعل بهم كان يفعل، ومع ذلك عفى عنهم واطلقهم وقال اذهبوا فأنتم الطلقاء، يا يزيد فهذا جزاؤه بان قتلت حسينا وقتلت أصحابه وأهل بيته وسبيت نساءه وعياله وأطفاله من بلد إلى بلد.
ملكنا فكان العفو منا سجية * فلما ملكتم سال بالدم أبطح