لرسول الله (ص) في العقبة وائتمروا بينهم ليقتلوه فقال بعضهم: إن فطن نقول: إنما كنا نخوض ونلعب، وإن لم يفطن لنقتلنه فأنزل الله هذه الآية (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب) فقال الله لنبيه (ص): (قل أبالله وآياته ورسوله - يعني محمدا - كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة أخرى).
واما ما وقع في تبوك بين رسول الله (ص) وبين الروم كما في (البحار) ولما نزل النبي تبوك أقام بها شهرين وبعث هرقل رجلا من غسان إلى النبي ينظر إلى صفته وعلاماته والى حمزة في عينيه والى خاتم النبوة، فسأل فإذا هو لا يقبل الصدقة، فوعى أشياء من صفات النبي (ص).
ثم انصرف إلى هرقل فذكرها له، فدعا هرقل قومه إلى التصديق به فأبوا عليه حتى خافهم على ملكه واسلم هو سرا منهم وامتنع من قتال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يؤذن النبي لقتاله فرجعوا، وهاجت ريح شديدة بتبوك فقال رسول الله (ص): هذا لموت منافق عظيم النفاق، فقدموا المدينة فوجدوا قد مات ذلك اليوم وظهر منه في تبوك وفي الطريق معجزات عظيمة، ومن أراد فليطلب في محلها منها نالها عطش كادت تنقطع أعناق الرجال والخيل والركاب عطشا فدعى بركوة فصب فيها ماء قليلا من أدوات كانت معه ووضع أصابعه عليها فنبع الماء من تحت أصابعه فاستقوا وارتووا والعسكر ثلاثون الف رجل سوى الخيل والإبل.
أقول: ظهرت هذه المعجزة في الطف لأنه لما اشتد العطش بأصحابه كان يدعوهم واحدا بعد واحد ويضع إبهامه في راحة أحدهم ويجري الماء ويشرب ويقول:
والله لقد شربت شرابا لم يشربه أحد في الدنيا.
منها: روي إنه لما صار (ص) بتبوك فأختلف الرسل بين رسول الله (ص) وملك الروم فطالت في ذلك الأيام حتى نفذ الزاد، فشكوا إليه نفاذه فقال: من كان معه شئ من الدقيق أو التمر أو السويق فليأتيني به فجاء أحد بكف دقيق والاخر بكف تمر، وآخر بكف سويق فبسط رداءه وجعل ذلك عليه ووضع يده على كل واحدة منها ثم قال: نادوا في الناس في أراد الزاد فليأت، فأقبل الناس يأخذون الدقيق والتمر والسويق حتى ملأوا جميع ما كان من الأوعية وذلك الدقيق والتمر والسويق على حاله ما نقص من