وكنا نرى في جعفر من محمد * وفاء وامرا حازما حين يأمر فما زال في الاسلام من آل هاشم * دعائم صدق لا ترام ومفخر هم جبال الاسلام والناس حولهم * رضام إلى طود يطول ويقهر بهاليل منهم جعفر وابن أمه * علي ومنهم: احمد المتخير هم أولياء الله انزل حكمه * عليهم وفيهم والكتاب المطهر لما رجع جعفر من بلاد الحبشة بعثه رسول الله (ص) واستعمل على الجيش مع زيد ابن حارثة وعبد الله بن رواحة وبعثهم إلى مؤتة إلى حرب هرقل ملك الروم ودفع الراية إلى جعفر وقال: إن قتل جعفر فالوالي عليكم زيد، وان قتل زيد فالوالي عليكم عبد الله بن رواحة، فان أصيب ابن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم أميرا. قال رجل من اليهود: إن كان محمد نبيا كما يقول سيقتل هؤلاء الثلاثة لأنه ما بعث نبي في الجهاد، وقال: إن قتل فلان فالوالي بعده فلان، إلا وقتل جميع من ذكر فيهم الولايات، كما إن هؤلاء الثلاثة قتلوا.
ولما خرجوا إلى القتال شيعهم رسول الله (ص) حتى بلغ ثنية الوداع فوقف ووقفوا حوله وهم ثلاثة آلاف وقال: اغزوا على اسم الله فقاتلوا عدوا الله وعدوكم بالشام، وستجدون فيها رجالا في الصوامع معتزلين فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف، ولا تقتلن امرأة ولا صغيرا ضرعا ولا كبيرا فانيا، ولا تقطعن نخلا ولا شجرا، ولا تهدمن بناء.
نهاهم أن يقتلوا صغارا وان كانوا كفارا، وأهل الكوفة! ذبحوا صغارا من أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل وذبحوا الرضيع.
ومضى المسلمون حتى نزلوا بمؤتة، وبلغ إن هرقل ملك الروم قد نزل ماء من مياه البلقاء ومعه مئة الف مقاتل من الروم ومئة الف من المستعربة، فأقام به المسلمون ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا: نكتب إلى رسول الله فنخبره الخبر، فأما أن يردنا أو يزيدنا رجالا فبينما الناس على ذلك إذ جاءهم عبد الله بن رواحة فشجعهم وقال: والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة السلاح ولا بكثرة الخيل إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به انطلقوا فقاتلوا فقد والله رأيتونا يوم (بدر) ما معنا إلا فرسان، إنما هي إحدى