والمجمل منها إن المشركين اجتمعوا وتحالفوا بان لا يفروا حتى يقتلوا محمدا وعليا وهم اثني عشر الف رجل من ابطال المشركين، وجاءوا إلى أن وصولا ونزلوا على السلاسل وهو اسم ماء، ونزل جبرئيل وأخبر النبي (ص) بذلك وأمره بان يخرج إليهم من يفرقهم، فأنفذ النبي (ص) أبا بكر في سبعمائة رجل فلما صار إلى الوادي وأراد الانحدار خرج إليه المشركون وقاتلوهم وقتلوا جمعا من المسلمين وهزموهم فرجع أبو بكر منكسرا إلى النبي فقال رسول الله (ص) له: لم تفعل ما أمرتك به وكنت لي والله عاصيا ثم صعد المنبر وقال يا معشر المسلمين اني أمرت أبا بكر أن يسير إلى أهل وادي اليابس وان يعرض عليهم الاسلام ويدعوهم إلى الله فان أجابوا وإلا واقعهم فإنه سار إليهم وخرج منهم إليه مائة رجل فإذا سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب وترك قولي ولم يطع أمري.
ثم بعث عمر وهو أيضا رجع منهزما، فلما رآه النبي صعد المنبر وقال: يا عمر عصيتني وعصيت الله في عرشه وخالفت قولي وعملت برأيك قبح الله رأيك، وقال عمرو بن العاص: أبعثني يا رسول الله فان الحرب خدعة وانا أخدعهم فبعثه وهو أيضا رجع مكسورا، وانفذ خالدا فقاد، فساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم واغنم وقال: أين ابن عمي وقوة ركني علي فاحضر بين يديه وقال: يا علي اخرج إليهم كرارا غير فرار فشيعه إلى مسجد الأحزاب فسار علي (ع) بالقوم متنكبا على الطريق يسير بالليل ويكمن بالنهار، ثم اخذ علي محجة غامضة فسار بهم حتى استقبل الوادي بغمة ثم أمرهم ان يعكموا الخيل وأوقفهم في مكان، وقال لا تبرحوا وأقام ناحية منهم فقال عمر: أنزلنا هذا الغلام في واد كثير الحيات والعقارب والسباع واما السبع فتأكلنا وتأكل دوابنا واما الحيات تعقرنا وتعقر دوابنا، واما يعلم بنا عدونا فيأتينا ويقتلنا فكلمه أبو بكر فلم يجبه وكلمه عمر فلم يجبه أمير المؤمنين (ع) فقال عمرو بن العاص: لا ينبغي أن نضيع أنفسنا انطلقوا بنا نعلو الوادي فأبى المسلمون: فبات علي (ع) حتى أحس بطلوع الفجر ركب وصاح اركبوا بارك الله فيكم، وطلع من الجبل وانحدر على القوم وأشرف عليهم قال (ع) اتركوا عكمة دوابكم فتركوها وشمت الخيل ريح الإناث فصهلت فلما سمع المشركون صهيل خيلهم ولو هاربين منهزمين، وبقيت أموالهم وأسلحتهم على حالها وتعاقبهم المسلمون، حتى قتلوا منهم خلقا كثيرا وأسروا بعضا منهم ورجعوا بالغنائم والأموال