فنزل جبرئيل على النبي في المدينة وبشره بالفتح فقرأ عليه (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فاثرن به نعما فوسطن به جمعا) وفي ذلك أنشأ المدني:
وقوله والعاديات ضبحا * يعني: علي إذا أغار صبحا علي سليم فشناها كفحا * فأكثر القتل بها والجرحا ففرح النبي وبشر أصحابه بذلك وأمرهم باستقبال علي (ع) وهو يقدمهم حتى خرجوا من المدينة، وقعدوا ينتظرون عليا حتى اقبل (ع) ووجهه كالبدر في ليلة تمامه وكماله ومعه الأسارى والغنائم لا تعد ولا تحصى.
فلما رأى علي (ع) النبي (ص) أراد أن يترجل عن فرسه قال النبي: اركب يا علي فان الله ورسوله عنك راضيان، فبكى علي (ع) فرحا ثم نزل وتعانقا وقبله رسول الله (ص) ومسح التراب عن وجهه وقال: يا علي الحمد لله على الذي شد بك ازري وقوى بك ظهري، يا علي يا علي انني سألت الله فيك كما سأل أخي موسى بن عمران أن يشرك معه هارون في أمره وقد سألت ربي أن يشد بك ازري، يا علي: من أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أحب الله فقد أحبه الله، وحقيق على الله أن يسكن حبيبه الجنة. يا علي من أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله فقد أبغضه الله ولعنه، وكان حقيقا على الله ان يوقفه يوم القيامة موقف البغضاء لا يقبل منه صرفا ولا عدلا.
ثم قص علي (ع) القصة وكيفية غلبته على الكفار وجاء بالأسارى والغنائم إلى رسول الله واراهم إياه، فلما نظر إلى الاسراء وهم موثقون بالحبال والسلاسل التفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي (ع) وقال: يا أبا الحسن اقطع الحبال والسلاسل وفك الأغلال من هؤلاء فاني لا أستطيع إن أراهم موثقين وأن كانوا مشركين.
أقول: يا ليت عيني رسول الله نظرتا إلى ولده السجاد والهاشميات من بناته ادخلوهم على يزيد وهم مقرنون بالحبال والاغلال قال علي بن الحسين (ع) نشدتك.