اجتمعوا وأسمعوا أطيعوني في اليوم واعصوني الدهر وأرجعوا ولا تردوا رآني فلا تقاتلوا محمدا. فلما سمع أبو جهل ذلك قال يا عتبة نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب وجبنت فنزل عتبة عن جمله وحمل على أبي جهل وكان على فرس فأخذ بشعره فقال الناس: يقتله فقال: أمثلي يجبن وستعلم قريش اليوم أينا الألئم والأجبن، وأينا المفسد لقومه لا نمشي إلا أنا وأنت للموت عيانا، ثم أخذ بشعره يجره فاجتمع إليه الناس فقالوا:
يا أبا الوليد الله الله لا تفت في أعضاد الناس تنهى عن شئ تكون أوله فخلصوا أبا جهل من يده.
ومن هنا يظهر معنى كلام عتبة لعن الله من أوقفنا وإياكم هذا الموقف، فقال شيبة لحمزة من أنت؟ فقال: أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، فقال له شيبة: لقد لقيت أسد الخلفاء فانظر كيف تكون صولتك يا أسد الله فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلق هامته، وضرب عتبة عبيدة على ساقة فقطعها وسقطا جميعا، وحمل حمزة على شيبة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما وتصارعا. وأما أمير المؤمنين (ع) لما وصل إلى الوليد ما أمهله.
فقال: تبا وتعسا لك يا بن عتبة أسقيك من كأس المنايا شربة، فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه، فقال أمير المؤمنين (ع): فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي، فظننت إن السماء وقعت على رأسي ثم انهزم صائحا نحو أبيه فركض أمير المؤمنين من خلفه حتى قتله، فنظر المسلمون إلى حمزة وشيبة، وقد اعتنق كل واحد منهما الاخر، فصاحوا يا علي: أما ترى الكلب قد أهزم عمك، فحمل عليه علي (ع) ثم قال: يا عم طأطأ رأسك وكان حمزة أطول من شيبة فادخل حمزة رأسه في صدره فضربه أمير المؤمنين على رأسه فطير نصفه ثم جاء إلى عتبة وبه رمق فقتله وحمل عبيدة بن حمزة وعلى حتى حتى اتوا به إلى رسول الله (ص) فنظر إليه النبي واستعبر وبكى فقال عبيدة بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألست شهيدا؟ قال: بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي.
أقول: كان عبيدة أول شهيد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بدر، وكان علي الأكبر أول شهيد من أهل بيت الحسين فأنشأ عبيدة يقول:
فان قطعوا رجلي فاني مسلم * وأرجو به عيشا من الله عاليا