قولنا وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا فاغتمت خديجة لذلك فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك ونحن أخواتك أنا سارة، وهذا آسية بنت مزاحم رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثوم أخت موسى بن عمران بعثنا الله لنلي منك ما تلي النساء من النساء فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور، حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض وغربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ودخل عشرة من الحور العين كل واحدة منهن معها طشت من الجنة وإبريق من الجنة، وفي الإبريق ماء من الكوثر فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوتين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية، ثم استنطقتها فنطقت فاطمة بالشهادتين وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإن أبي رسول الله سيد الأنبياء، وإن بعلي سيد الأوصياء، وولدي سادات الأسباط، ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة من قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها، وفي نسلها فتناولتها فرحة مستبشرة، وألقمتها ثديها فدر عليها فكانت فاطمة تنمى في اليوم كما ينمى الصبي في الشهر، وتنمى في الشهر كما ينمى الصبي في السنة أقول: ولعمري إن كل شجرة ومدرة بذكر مناقبها في وجه الأرض ناطقة، وأيم الله إنها الطاهرة المطهرة والصديقة الصادقة وإنها أجل من أن يحيط بها الأفكار وتصل إليها الانظار، وقد ملئت من مفاخرها المشهورة الصحائف الامكانية وزينت من مآثرها المشكورة أوراق كتب الايجاد من الكمالات النفسانية والملكات العقلانية، وإن فضائلها المروية يرويها كل كابر عن كابر، وفواضلها الرحمانية يهديها الأول إلى الاخر فلها العز الاعلى عند أهل الآخرة والأولى، وفي علم الله تعالى من شرف محلها وعلو قدرها قضى ما قضى، وقدر ما قدر بحيث لن تنالها العقول والفكر ولها كرائم ليس لأحد من النسوة، وشرائف قد اكتفتها قبل الفطرة فحازت قصبات
(٢٤٨)