والحاصل دعا رسول الله (ص) عليا (ع) وقال له: إن الله تعالى أوحى إلي إن أهجر دار قومي وأن أنطلق إلى غار ثور، وإنه آمرك بالمبيت على فراشي وأن يلقى شبهي عليك أو تسلم بمبيتي هناك قال (ص): نعم فتبسم (ع) ضاحكا وأهوى إلى الأرض ساجدا، فكان أول من سجد لله شكرا أو أول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته فلما رفع رأسه قال له: امض لما أمرت فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي وأنشأ يقول:
وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر رسول إله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الاله من المكر فبات رسول الله في الغار آمنا * موفي وفي حفظ الاله وفي سر وبت أراعهم وما يثبتونني * فقد وطنت نفسي على القتل والأسر أردت به نصر الاله تبتلا * وأضمرته حتى أوسد في قبري قال صلى الله عليه وآله وسلم له: فأرقد على فراشي واشتمل بردي ثم إني أخبرك يا علي إن الله امتحن أوليائه على قدر إيمانهم ومنازلهم من دينه، فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فقد امتحنك الله يا بن أم، وامتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم والذبيح إسماعيل فصبرا صبرا، فإن رحمة الله قريبة من المحسنين أقول: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي (ع): يا بن أم على طريق الشفقة والعطوفة لان دأب العرب إنهم يذكرون الام في وقت الشفقة، وإذا أصابتهم مصيبة كما إن هارون قال لأخيه موسى يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، وكما قال علي (ع) للنبي (ص) يوم أخرجوه إلى المسجد:
يا بن أمي إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني وكما قالت الحوراء زينب لأخيها: يا بن أمي لقد كللت عن المدافعة الخ ثم إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضمه إلى صدره وجعل يوصيه ثم خرج بات أبو الحسن في فراش خاتم النبيين ووقاه بنفسه شر المشركين كما في زيارته: السلام عليك يا من بات على فراش خاتم الأنبياء ووقاه بنفسه شر الأعداء وفي زيارته الأخرى أشبهت في البيات على فراش الذبيح (ع) إذ أجبت كما أجاب وأطعت كما أطاع إسماعيل (ع) صابرا محتسبا (إذ قال له يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك فأنظر ماذا ترى قال:
يا أبت أفعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من الصابرين) وكذلك أنت لما أباتك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمرك إن تضجع في مرقده واقيا له بنفسك أسرعت إلى اجابته مطيعا ولنفسك على القتل موطنا فشكر الله طاعتك وأبان جميل فعلك بقوله جل ذكره (ومن الناس من