فقال: إن الوحي قد أتاني فأخبرني إنه في المشخب ودخل عثمان بعد خروج علي (ع) فأخذ بيد عمه فأتى به النبي، فلما رآه أكب ولم يلتفت إليه رسول الله، وكان حنينا كريما فقال: يا رسول الله هذا عمي المغيرة وقد أمنته فلم يزل يكرر هذا القول ويأتيه عن يمينه ثم عن يساره، فلما كان في الرابعة رفع النبي رأسه إليه وقال: قد جعلت لك ثلاثة أيام فإن قدرت عليه بعد ثلاثة أيام قتلته فلما أدبر قال رسول الله: اللهم العن المغيرة بن العاص، والعن من يؤويه، والعن من يحمله، والعن من يطعمه، والعن من يسقيه، والعن من يجهزه، والعن من يعطيه سقاء أو حذاء أو رشاء أو رعاء وهو يعدهن بيمينه، وأنطلق به عثمان وآواه ومكث عنده خمسة أيام حتى فعل جميع ما لعن عليه النبي (ص) من يفعله به، ثم أخرجه في اليوم السادس يسوقه فلم يخرج من أبيات المدينة حتى أعطب الله راحلته ونقب حذائه ودميت قدماه، فاستعان بيده وركبته، وأثقله جهازه حتى جربه فأتى شجرة فأستظل بها فأتى رسول الله (ص) الوحي فأخبره بذلك فدعى عليا (ع). فقال: خذ سيفك وأنطلق أنت وعمار وثالث لكما فأتيا المغيرة تحت شجرة كذا وكذا فأتاه علي (ع) فقتله، فلما علم عثمان غضب وجاء حتى دخل الدار وأخذ خشب القتب وضرب بنت رسول الله (ص) رقية وقال: أنت أخبرت أباك بمكانه فحلفت له بالله ما فعلت فلم يصدقها فبعثت رقية إلى رسول الله تشكو ما لقيت فأرسل إليها رسول الله (ص) أقني حياك فما أقبح بالمرأة ذات حسب ودين يضربها حتى أدمى جسدها وكسر عظاما من صدرها فلما بعث في الرابعة دعا رسول الله (ص) عليا وقال خذ سيفك واشتمل عليه ثم آت بنت عمك فخذ بيدها فإن حال بينك وبينها فلان فأحطمه بالسيف.
وأقبل رسول الله بنفسه كالواله من منزله إلى دار عثمان فأخرج علي (ع) ابنة رسول الله (ص) فلما نظرت إلى النبي رفت صوتها بالبكاء واستعبر رسول الله (ص) وبكى، ثم أدخلها منزله (ص) وكشفت عن ظهرها، فلما إن رأى ما بظهرها قال: ما قتلك قتله الله: وكان ذلك يوم الأحد وبات عثمان ملتحفا بجاريته فمكثت رقية الاثنين والثلاثاء وماتت في اليوم الرابع فأخرجت جنازتها وأمر رسول الله (ص) فاطمة (ع) ونساء المؤمنين أن يخرجن معها، وخرج عثمان يشيع جنازتها فما نظر إليه النبي (ص)