من الله ومن الحفظة والكتاب الذين لا تخفى عليهم خافية.
قال علي (ع): فاتقوا الله الذي أنتم بعينه ونواصيكم بيده، وثقلكم في قبضته. إن أسررتم علمه، وان أعلنتم كتبه، قد وكل بكم حفظة كراما لا يسقطون حقا ولا يثبتون باطلا.
قال (ع) في كلام آخر: واعلموا إن عليكم رصدا من أنفسكم، وعيونا من جوارحكم، وحفاظ صدق يحفظون أعمالكم، وعدد أنفاسكم لا تستركم منهم ظلمة ليل داج، ولا يكنكم منهم باب ذو رتاج. فينبغي أن يختار الانسان أحد الامرين من دون ثالث، اما التحرز عن المعصية، والرواح إلى مكان لا يراه الله فيه.
جاء رجل إلى الحسن بن علي (ع) وقال: انا رجل عاص ولا صبر لي عن المعصية فعظني، فقال (ع): افعل خمسة أشياء، وأذنب ما شئت: لا تأكل رزق الله وأذنب ما شئت: فإذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فأدفعه عن نفسك وأذنب ما شئت وإذا أدخلك مالك النار فلا تدخل النار وأذنب ما شئت (أفمن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياتا ولا نشورا) فكيف له السبيل إلى التحرز عن أحد هذه الأمور، الرزق منه لا من غيره، والملك له لا لغيره والامر بيده لا بيد غيره والسماوات مطويات بيمينه والأرض جميعا قبضته، وأنت يا مسكين أضعف من كل ضعيف فكيف تجترئ على الله بمعصيته، اما تذكر القيامة، اما تذكر نار جهنم حين إن مالكا يأخذ بحجزتك ليدخلك النار وتحتوشك ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ والجبار جل جلاله ينادي (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه) والسلسلة هي الأغلال التي توضع على الأعناق، وكان السجاد (ع) يذكرها ويبكي وأنت غافل عنها. كما في حديث الزهري: لما حملوا علي بن الحسين من المدينة إلى الشام في زمان عبد الملك، فليراجع إلى محله، وفي يوم الحادي عشر من المحرم أيضا حين وضعوها على عنقه الشريف فنظر وبكى وقال: ذكرتني أغلال النار ويؤتى بزين العابدين (ع) الخ.