كما قال: لان عليا هاجر إلى الكوفة وبايع أهل الكوفة له، وما مضت إلا أيام قلائل حتى سارت عايشة من مكة إلى البصرة ومعها الزبير وطلحة وهم يطلبون بدم عثمان وخرج علي (ع) إليهم مع أصحابه وقاتلوا قتالا شديدا حتى قتل كثير من الناس منهم الزبير وطلحة.
وذكر المؤرخون: إن عليا (ع) برز يوم الجمل ونادى الزبير يا أبا عبد الله مرارا فخرج الزبير فتقاربا حتى اختلف أعناق خيلهما فقال علي (ع): إنما دعوتك لأذكرك حديثا قاله لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين رآك وأنت معتنقي فقال لك: أتحبه فقلت: وما لي لا أحبه وهو أخي وابن خالي فقال: اما انك ستحاربه وأنت ظالم فاسترجع الزبير وقال: أذكرتني ما انسانية الدهر ورجع إلى صفوفه فقال له ابنه عبد الله: رجعت إلينا بغير الوجه الذي فارقتنا؟ فقال: ذكرني علي الحديث واني لراجع وتارككم، فقال ابنه: ما أراك إلا جبنت من سيوف بني عبد المطلب وانها لسيوف حداد تحملها فئة نجاد، فقال الزبير: ويلك أتهيجني وانا حلفت أن لا أحاربه فقال: كفر عن يمينك حتى لا تتحدث نساء قريش إنك جبنت فقال الزبير: غلامي مكحول كفارة ليميني، وحر في وجه الله ثم افصل سنان رمحه وحمل على عسكر علي (ع) برمح لا سنان له، فقال علي (ع): أفرجوا له فإنه محرج، ثم عاد إلى أصحابه ثم حمل ثانية ثم ثالثة ثم قال لابنه: أجبنا ويلك ترى؟ فقال: لقد غدرت فرجع من الحرب ومر بواد السباع والأحنف بن قيس هناك في جمع من بني تميم قد اعتزل الفريقين، فأخبر الأحنف بمرور الزبير فقال رافعا صوته ما اصنع بالزبير القى الفتنة بين المسلمين حتى اخذت السيوف منها مأخذها انسل وتركهم أما إنه لخليق بالقتل قتله الله فاتبعه عمرو ابن جرموز وكان فاتكا فلما قرب منه وقف الزبير وقال: ما شأنك؟ قال جئت لأسألك عن أمر الناس قال الزبير: اني تركتهم قياما في الركب فيضرب بعضهم في وجه بعض بالسيف فسار ابن جرموز معه وكل واحد منهما يتقي الاخر.
فلما حضرت الصلاة اخذ الزبير وضوءه وقام إلى الصلاة وشد ابن جرموز عليه وقتل واخذ رأسه وخاتمه وسيفه وحثى عليه ترابا يسيرا، ورجع إلى الأحنف وأخبره فقال: والله ما أدري أسأت أم أحسنت اذهب إلى علي (ع) وأخبره فجاء إلى علي (ع) ومعه سيفه أو رأسه أو كلاهما فقال أمير المؤمنين (ع): أنت قتلته قال: نعم والله