فلى الله عليك بذلك راع وكفيل قال: نعم الله لك علي راع وكفيل، فلما كان بعد أيام ندم من ذلك لما حدثت نفسه بالخلافة وكان يقول: بايعت عليا بيدي لا بقلبي وتارة يقول: أكرهت على البيعة، وتارة يقول ورأيت تورية.
قال أمير المؤمنين (ع): هذا إقرار منه بالبيعة وادعاء إنه لم يبايع بقلبه لم يقم عليه دليل فاما ان يقيم دليلا على ما ادعى أو يعود إلى طاعتي لان من بايع لغير لا يجوز أن يأخذ لنفسه بالبيعة، والزبير بايع عليا ثم اعرض وعرض نفسه في معرض الخلافة وكتب إلى معاوية، اما بعد: فإن الناس قد قتلوا عثمان وبايعوني فإذا أتاك كتابي فبايع لي أنت وأشرف أهل الشام فلما قرأ معاوية كتب في جوابه: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله بن الزبير أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان سلام عليك اما بعد:
فإني قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا واستوثقوا فدونك الكوفة والبصرة، وبها كنوز الرجال وعين الخلافة لا يسبقك إليها ابن أبي طالب وقد بايعت لطلحة بن عبد الله من بعدك وطلحة هو ابن عم لأبي بكر فاظهر الطلب بدم عثمان وادع الناس إلى ذلك وليكن منكما الجد والتشمير.
فلما وصل الكتاب إلى الزبير اعلم به طلحة واقرأه إياه، فلم يشكا في النصح لهما من قبل معاوية وأجمعا على خلاف علي (ع) بعدما بايعا له، وأول خلافهما إن جاءا إليه وطلبا منه أن يوليهما المصرين البصرة والكوفة. فقال علي (ع): ارضيا بقسم الله تعالى لكما واعلما اني لا أشرك في أمانتي إلا من ارضى بدينه وأمانته، فدخلهما الياس فاستأذناه للخروج إلى مكة للعمرة فقال (ع) ما لعمرة تريدان وإنما تريدان الغدرة ونكثا البيعة، فحلفا له بالله انهما ما يريدان غير العمرة فقال لهما: أعيدا البيعة لي ثانيا فأعاداها باشد ما يكون من الايمان والمواثيق فأذن لهما فلما خرجا من عنده قال لمن كان حاضرا:
والله لا ترونها إلا فتنة يقتتلان فيها، قالوا: يا أمير المؤمنين أأمر بردهما قال: ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
ولما خرجا عن المدينة لم يلقيا أحدا إلا وقالا له ليس لعلي في أعناقنا بيعة وإنما بايعناه مكرهين، فبلغ عليا (ع) قولهما فقال: أبعدهما الله واغرب دارهما أما والله لقد علمت انهما سيقتلان أنفسهما أخبث مقتل، ويأتيان من وردوا عليه بأشأم يوم والله لا يلقيانني بعد اليوم إلى في كتيبة خشناء يقتلان فيهما أنفسهما فبعدا لهما وسحقا فكان