ثم اعلم أن قوله: " لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه " مع قوله: " إن زاد عليه لم يؤجر " يحتمل وجوها: أحدها أن يكون " لا ينبغي " محمولا على الكراهة كما هو الظاهر من إطلاقه في الأخبار وكلام القوم، لا سيما واقترن به قوله:
" إن زاد عليه لم يؤجر " باعتبار أنه أتى بالمأمور به مع زيادة لغوا، ويحمل على أنه لم يفعل الزيادة بقصد كونه مأمورا به، وإلا لكان تشريعا حراما، إما الفعل أو القصد كما فصل في كلام القوم. الثاني أن يحمل على الحرمة بأن فعله بقصد كونه مأمورا به، فيكون تشريعا والثالث أن يكون المراد أعم من الحرمة والكراهة، باعتبار الفردين المذكورين.
وكذا قوله: " إن نقص أثم " يحتمل وجوها: الأول أن يكون الإثم و العقاب باعتبار الاكتفاء بذلك الوضوء الذي ترك فيه المأمور به، لكون وضوئه وصلاته باطلين واكتفى بهما، فيأثم ويعاقب على تركهما، الثاني أن يكون باعتبار كون هذا الوضوء وهذه الصلاة تشريعا فيأثم على فعلهما، وإن لم يكتف بهما، الثالث أن يحمل على الأعم منهما.
والقصاص مثلثة القاف: منتهى شعر الرأس حيث يؤخذ بالمقص. من مقدمه ومؤخره، وقيل: هو منتهى منبته من مقدمه وهو المراد هنا، ولا خلاف بين علماء الاسلام في أن ما يجب غسله في الوضوء من الوجه ليس خارجا عن المسافة التي هي من قصاص شعر الرأس إلى طرف الذقن طولا ومن وتد الاذن إلى الوتد عرضا إلا من الزهري حيث ذهب إلى أن الاذنين من الوجه يغسلان معه.
لكنهم اختلفوا في حده، فمنهم من حده بأنه من القصاص إلى الذقن طولا وما دارت عليه الابهام والوسطى عرضا، وهو المشهور بين الأصحاب، بل كاد أن