ثم قال: ونقل الفاضلان (1) في المعتبر والمنتهى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أنه روى في جامعه عن عبد الكريم عن محمد بن ميسر (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الجنب ينتهي إلى الماء القليل والماء في وهدة فان هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع؟ قال: ينضح بكف بين يديه، وكف خلفه وكف عن يمينه، وكف عن شماله ويغتسل.
ولا يخفى أن متعلق النضح المذكور في الأخبار وكلام الأصحاب هنا لا يخلو عن خفاء، وكذا الحكمة فيه، وقد حكى المحقق - رحمه الله - في ذلك قولين أحدهما أن المتعلق الأرض، والحكمة اجتماع أجزائها فتمنع سرعة انحدار ما ينفصل عن البدن إلى الماء، والثاني أن متعلقه بدن المغتسل، والغرض منه بله ليتعجل الاغتسال قبل انحدار المنفصل عنه، وعوده إلى الماء، وعزى هذا القول إلى الصهرشتي، واختاره الشهيد في الذكرى إلا أنه جعل الحكمة فيه الاكتفاء بترديده عن إكثار معاودة الماء، ورجح في البيان القول الأول.
والعبارة المحكية عن رسالة ابن بابويه ظاهرة فيه أيضا حيث قال فيها " أخذت له كفا " الخ والضمير في قوله " له " عائد إلى المكان الذي يغتسل فيه، لأنه المذكور قبله في العبارة، وليس المراد به محل الماء كما وقع في عبارة ابنه، حيث صرح بالعود إلى الماء الذي يغتسل منه، وكان تركه للتصريح بذلك اتكال على دلالة لفظ الرجوع إليه، فالجار في قوله " إلى المكان " متعلق بينصب، وصلة ترجع غير مذكورة لدلالة المقام عليها.
ويحكى عن ابن إدريس إنكار القول الأول مبالغا فيه، ومحتجا بأن اشتداد الأرض برش الجهات المذكورة موجب لسرعة نزول ماء الغسل، وله وجه غير أنه ليس يمتنع في بعض الأرضين أن يكون قبولها لابتلاع الماء مع الابتلال