لهذه العلة " من المهاجرين " الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وإلى الحبشة " والأنصار " أي ومن الأنصار الذين سبقوا نظراءهم من أهل المدينة إلى الاسلام وقرأ يعقوب " والأنصار " بالرفع فلم يجعلهم من السابقين، وجعل السبق للمهاجرين خاصة " والذين اتبعوهم باحسان " أي بأفعال الخير والدخول في الاسلام بعدهم، و سلوك منهاجهم، ويدخل في ذلك من بعدهم إلى يوم القيامة " رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " قال: وفي هذه الآية دلالة على فضل السابقين ومزيتهم على غيرهم، لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين، فمنها مفارقة العشائر والأقربين، ومنها مباينة المألوف من الدين، ومنها نصرة الاسلام مع قلة العدد وكثرة العدو، ومنها السبق إلى الايمان والدعاء إليه انتهى (1).
وقال بعضهم: " السابقون الأولون من المهاجرين " هم الذين صلوا إلى القبلتين، وشهدوا بدرا، وأسلموا قبل الهجرة، ومن الأنصار أهل بيعة العقبة الأولى، وكانوا سبعة نفر، وأهل بيعة العقبة الثانية وكانوا سبعون وقال بعض المخالفين كلمة " من " للتبيين فيتناول المدح جميع الصحابة قوله عليه السلام " ثم ذكر " كلمة " ثم " للتراخي بحسب المرتبة، إذ سورة البقرة نزلت قبل سورتي التوبة والحديد " فقال الله عز وجل " أي في سورة البقرة " تلك الرسل " قيل: إشارة إلى الجماعة المذكورة قصصها في السورة، أو المعلومة للرسول أو جماعة الرسل واللام للاستغراق، " فضلنا بعضهم على بعض " بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره " منهم من كلم الله " تفصيل له وهو موسى، وقيل موسى ومحمد صلى الله عليهما كلم موسى ليلة الحيرة وفي الطور، ومحمدا ليلة المعراج حين كان قاب قوسين أو أدنى، وبينهما بون بعيد، وفي المصاحف " ورفع بعضهم درجات " وليس فيها " فوق بعض " (2) فالزيادة إما من الرواة أو النساخ ويؤيده عدمها في رواية النعماني