واختلف الناس في الفاسق فقالت المعتزلة: إن الفاسق لا مؤمن ولا كافر وأثبتوا له منزلة بين المنزلتين، وقال الحسن البصري: إنه منافق، وقالت الزيدية: إنه كافر نعمة، وقالت الخوارج إنه كافر، والحق ما ذهب إليه المصنف وهو مذهب الإمامية والمرجئة وأصحاب الحديث وجماعة الأشعرية، أنه مؤمن والدليل عليه أن حد المؤمن وهو المصدق بقلبه ولسانه في جميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله موجود فيه فيكون مؤمنا انتهى.
وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المسائل: اتفقت الامامية على أن مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والاقرار لا يخرج بذلك عن الاسلام، وأنه مسلم وإن كان فاسقا بما معه من الكبائر والآثام، ووافقهم على هذا القول المرجئة كافة وأصحاب الحديث قاطبة، ونفر من الزيدية، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك، وزعموا أن مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق ليس بمؤمن ولا مسلم.
وقال قدس سره: اتفقت الامامية على أن الاسلام غير الايمان وأن كل مؤمن فهو مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا، وأن الفرق بين هذين المعنيين في الدين كما كان في اللسان، ووافقهم على هذا القول المرجئة وأصحاب الحديث، وأجمعت المعتزلة على عدم الفرق بينهما.
وقال الشهيد الثاني قدس سره في رسالة حقائق الايمان: اعلم أن الايمان لغة التصديق كما نص عليه أهلها، وهو إفعال من الامن بمعنى سكون النفس واطمئنانها لعدم ما يوجب الخوف لها وحينئذ فكان حقيقة " آمن به " سكنت نفسه واطمأنت، بسبب قبول قوله، وامتثال أمره. فتكون الباء للسببية، ويحتمل أن يكون بمعنى أمنه التكذيب والمخالفة كما ذكره بعضهم، فتكون الباء فيه زائدة والأول أولى كما لا يخفى وأوفق لمعنى التصديق، وهو يتعدى باللام كقوله تعالى " وما أنت بمؤمن لنا " (1) و " فآمن له لوط " (2) وبالباء كقوله تعالى " آمنا بما أنزلت " (3)