للمماثل الحاصل بعد انعدام مثله أنه زائد وهذا ظاهر.
وقيل في توجيه قبوله الزيادة أنه بمعنى زيادة ثمرته من الطاعات وإشراق نوره وضيائه في القلب، فإنه يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي.
أقول: هذا التوجيه وجيه لو كان النزاع في مطلق الزيادة لكنه ليس كذلك بل النزاع إنما هو في أصل حقيقته لا في كمالها.
واستدل بعض المحققين على أن حقيقة التصديق الجازم الثابت يقبل الزيادة والنقصان بأنا نقطع أن تصديقنا ليس كتصديق النبي صلى الله عليه وآله.
أقول: لا ريب في أنا قاطعون بأن تصديق النبي صلى الله عليه وآله أقوى من تصديقنا وأكمل، لكن هذا لا يدل على اختلاف أصل حقيقة الايمان التي قدرها الشارع باعتقاد أمور مخصوصة على وجه الجزم والثبات، فان تلك الحقيقة إنما هي من اعتبارات الشارع، ولم يعهد من الشارع اختلاف حقيقة الايمان باختلاف المكلفين في قوة الادراك بحيث يحكم بكفر قوي الادراك لو كان جزمه بالمعارف الإلهية كجزم من هو أضعف إدراكا منه، نعم الذي تفاوت فيه المكلفون إنما هو مراتب كماله بعد تحقق أصل حقيقته التي يخاطب بتحصيلها كل مكلف ويعتبر بها مؤمنا عند الله تعالى ويستحق الثواب الدائم وبدونها العقاب الدائم.
وأما تلك الكمالات الزائدة فإنما تكون باعتبار قرب المكلف إلى الله تعالى بسبب استشعاره لعظمة الله وكبريائه، وشمول قدرته وعلمه، وذلك لاشراق نفسه واطلاعها على ما في مصنوعات الله تعالى من الاحكام والاتقان والحكم والمصالح فان النفس إذا لاحظت هذه البدائع الغريبة العظيمة التي تحار في تعلقها مع علمها بأنها تشرك في الامكان والافتقار إلى صانع يبدعها ويبديها، متوحد في ذاته بذاته انكشف عليها كبرياء ذلك الصانع وعظمته وجلاله وإحاطته بكل شئ فيكثر خوفها وخشيتها واحترامها لذلك الصانع، حتى كأنها لا تشاهد سواه، ولا تخشى غيره، فتنقطع عن غيره إليه وتسلم أزمة أمورها إليه، حيث علمت أن لا رب غيره وأن المبدأ منه والمعاد إليه، فلا تزال شاخصة منتظرة لامره حتى تأتيها فتفر