عدوهم، فلما رأوا الأحزاب قالوا هذه المقالة (1).
" هو الذي أنزل السكينة " هي أن يفعل الله بهم اللطف الذي يحصل لهم عنده من البصيرة بالحق ما تسكن إليه نفوسهم، وذلك بكثرة ما ينصب لهم من الأدلة الدالة عليه، فهذه النعمة التامة للمؤمنين خاصة، وأما غيرهم فتضطرب نفوسهم لأول عارض من شبهة ترد عليهم، إذ لا يجدون برد اليقين، وروح الطمأنينة في قلوبهم، وقيل هي النصرة للمؤمنين لتسكن بذلك قلوبهم، ويثبتوا في القتال، وقيل هي ما أسكن قلوبهم من التعظيم لله ولرسوله " ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم " أي يقينا إلى يقينهم بما يرون من الفتوح وعلو كلمة الاسلام على وفق ما وعدوا، وقيل: ليزدادوا تصديقا بشرايع الاسلام، وهو أنهم كلما أمروا بشئ من الشرائع صدقوا به، وذلك بالسكينة التي أنزلها الله في قلوبهم عن ابن عباس والمعنى ليزدادوا معارف على المعرفة الحاصلة عندهم (2).
" أولئك كتب في قلوبهم الايمان " أي ثبته في قلوبهم بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب، وقيل: كتب في قلوبهم علامة الايمان، ومعنى ذلك أنها سمة لمن شاهدهم من الملائكة على أنهم مؤمنون " وأيدهم بروح منه " أي قواهم بنور الايمان، وقيل: قواهم بنور الحجج والبرهان، حتى اهتدوا للحق وعملوا به وقيل: قواهم بالقرآن الذي هو حياة للقلوب من الجهل، وقيل: أيدهم بجبرئيل في كثير من المواطن ينصرهم ويدفع عنهم (3).
أقول: سيأتي في الاخبار أن السكينة هي الايمان، ومعنى روح الايمان.
1 - قرب الإسناد: ابن سعد، عن الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للقلب اذنين: روح الايمان يساره بالخير، والشيطان يساره بالشر فأيهما ظهر على صاحبه غلبه، قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: إذا زنى الرجل أخرج الله منه روح الايمان