النبي صلى الله عليه وآله إياهم إلى الايمان، وعلى هذا يكون المراد بأوائل هذه الأمة و أواخرها أوائلها وأواخرها في الإجابة للنبي صلى الله عليه وآله وقبول الاسلام، والتسليم بالقلب والانقياد للتكاليف الشرعية طوعا، ويعرف الحكم في سائر الأزمنة بالمقايسة، وسبب فضل السابق على هذا المعنى أن السبق في الإجابة للحق دليل على زيادة البصيرة والعقل والشرف التي هي الفضيلة والكمال.
والمعنى الرابع أن يراد بالسبق السبق الزماني عند بلوغ الدعوة، فيعم الأزمنة المتأخرة عن زمن النبي صلى الله عليه وآله وهذا المعنى يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد بالأوائل والأواخر ما ذكرناه أخيرا وكذا السبب في الفضل، والاخر أن يكون المراد بالأوائل من كان زمن النبي صلى الله عليه وآله وبالأواخر من كان بعد ذلك ويكون سبب فضل الأوائل صعوبة قبول الاسلام، وترك ما نشأوا عليه في تلك الزمن وسهولته فيما بعد استقرار الامر، وظهور الاسلام، وانتشاره في البلاد، مع أن الأوائل سبب لاهتداء الأواخر، إذ بهم وبنصرتهم استقر ما استقر، وقوي ما قوي وبان من استبان، والله المستعان انتهى.
قوله " أخبرني عما ندب الله " لما دل كلامه عليه السلام سابقا على أنه تعالى طلب منهم الاستباق إلى الايمان سأله الراوي عن الآيات الدالة عليه " سابقوا إلى مغفرة " كذا في سورة الحديد وفي سورة آل عمران " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " (1) وكان مقتضى الجمع بين الآيتين أن المراد بالمسارعة المسابقة أي سارعوا مسابقين إلى سبب مغفرة من ربكم من الايمان والأعمال الصالحة " وجنة " أي إلى جنة " عرضها كعرض السماء والأرض " وفي آل عمران " عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " قال المحقق الأردبيلي قدس سره: كنى بالعرض عن مطلق المقدار، وهو متعارف، ونقل على ذلك الاشعار في مجمع البيان أو أنه لما علم عرضه الذي هو أقل من الطول عرفا في غير المساوي، علم أن طوله أيضا يكون إما أكثر أو مثله (2) وقال القاضي: ذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة على طريق التمثيل، لأنه دون الطول، وعن ابن عباس كسبع سماوات وسبع أرضين