وأجيب بوجوه: الأول أن المراد الزيادة بحسب الدوام والثبات وكثرة الأزمان والساعات، وهذا ما قال إمام الحرمين: النبي صلى الله عليه وآله يفضل من عداه باستمرار تصديقه وعصمة الله إياه من مخامرة الشكوك، والتصديق عرض لا يبقى فيقع للنبي صلى الله عليه وآله متواليا ولغيره على الفترات، فثبت للنبي صلى الله عليه وآله أعداد من الايمان لا يثبت لغيره إلا بعضها، فيكون إيمانه أكثر، والزيادة بهذا المعنى مما لا نزاع فيه، وما يقال من أن حصول المثل بعد انعدام الشئ لا يكون زيادة، مدفوع بأن المراد زيادة أعداد حصلت، وعدم البقاء لا ينافي ذلك.
الثاني أن المراد الزيادة بحسب زيادة المؤمن به والصحابة كانوا آمنوا في الجملة، وكان يأتي فرض بعد فرض وكانوا يؤمنون بكل فرض خاص، وحاصله أن الايمان واجب إجمالا فيما علم إجمالا، وتفصيلا فيما علم تفصيلا، والناس متفاوتون في ملاحظة التفاصيل كثرة وقلة، فيتفاوت إيمانهم زيادة ونقصانا، ولا يختص ذلك بعصر النبي صلى الله عليه وآله على ما يتوهم.
الثالث أن المراد زيادة ثمرته وإشراق نوره في القلب، فإنه يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وهذا مما لا خفاء فيه، وهذه الوجوه جيدة في التأويل لو ثبت لهم أن التصديق في نفسه لا يقبل التفاوت، والكلام فيه انتهى.
والحق أن الايمان يقبل الزيادة والنقصان سواء كانت الأعمال أجزاءه أو شرائطه أو آثاره الدالة عليه، فان التصديق القلبي بأي معنى فسر لا ريب أنه يزيد و كلما زاد زادت آثاره على الأعضاء والجوارح، فهي كثرة وقلة تدل على مراتب الايمان زيادة ونقصانا، وكل منهما يتفرع على الاخر فان كل مرتبة من مراتب الايمان تصير سببا لقدر من الأعمال يناسبها، فإذا أتى بها قوي الايمان القلبي وحصلت مرتبة أعلى تقتضي عملا أكثر، وهكذا.
وجملة القول في ذلك أن للايمان ولكل من الأعمال الايمانية أفرادا كثيرة وحقيقة ونورا وروحا كالصلاة، فان لها روحا هي الاخلاص مثلا، فإذا فارقها كانت جسدا بلا روح لا يترتب عليه أثر، ولا ينهى عن الفحشاء والمنكر، فللايمان