المصدر، كما في أنبت نباتا وأعطى عطاء، والقرار بالفتح ما قر فيه الشئ أي سكن ويكون مصدرا، وقرار الامن والراحة الجنة أو ما يوجبهما كما عرفت.
35 - مجالس المفيد: عن المرزباني، عن محمد بن أحمد الكاتب، عن أحمد بن أبي خيثمة عن عبد الملك بن داهر، عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن ابن عباس رحمه الله قال: قال سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، عن قوله تعالى " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (1) فقيل له: من هؤلاء الأولياء؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هم قوم أخلصوا لله تعالى في عبادته، ونظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، فعرفوا آجلها، حين غر الناس سواهم بعاجلها، فتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم وأماتوا منها ما علموا أنه سيميتهم.
ثم قال: أيها المعلل نفسه بالدنيا، الراكض على حبائلها، المجتهد في عمارة ما سيخرب منها، ألم تر إلى مصارع آبائك في البلى ومضاجع أبنائك تحت الجنادل والثرى، كم مرضت بيديك، وعللت بكفيك، تستوصف لهم الأطباء، وتستعتب لهم الأحباء، فلم يغن عنهم غناؤك، ولا ينجع فيهم دواؤك (2).
36 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا، إذا نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها إذا اشتغل الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم، ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالا، ودركهم لها فوتا، أعداء ما سالم الناس، وسلم ما عادى الناس بهم علم الكتاب، وبه علموا، وبهم قام الكتاب وبه قاموا، لا يرون مرجوا فوق ما يرجون، ولا مخوفا فوق ما يخافون (3).
تبيان: مع أن الظاهر اتحاد الروايتين، بينهما اختلاف كثير، وبعض فقرات الرواية الأولى مذكورة في خطبة أخرى سنشير إليها، وقد مر معنى