" وهم المؤمنون حقا " أي يكون إيمانهم واقعيا ولا يكون باطنهم مخالفا لظاهرهم، فيكونون منافقين على بعض الاحتمالات السابقة، أو المراد بهم المؤمنون الذين لا يتركون الفرائض، ولا يرتكبون الكبائر إلا اللمم فالذين يفعلون ذلك ولا يتوبون داخلون في أصحاب الشمال، لكنه يأبى عنه ما سيأتي من التخصيص بأهل الكتاب، وسيأتي القول فيه، وقوله: " بأعيانهم " ليس في رواية جابر وكأن المعنى بخصوصهم أو بأنفسهم من غير أن يلحق بهم أتباعهم " يستكمل هذه الأرواح " أي يطلب كمالها وتمامها، أو يتصف بها كاملة، وفي البصائر " بهذه الأرواح " وفي رواية جابر " مستكملا بهذه الأرواح " وهما أظهر، وهما على بناء المفعول، في القاموس استكمله وكمله أتمه وجمله.
" إلى أرذل العمر " في مجمع البيان أي أدون العمر وأوضعه أي يبقيه حتى يصير إلى حال الهرم والخرف، فيظهر النقصان في جوارحه وحواسه وعقله، وروى عن علي عليه السلام أن أرذل العمر خمس وسبعون سنة، وروي مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن قتادة تسعون سنة " لكيلا يعلم بعد علم شيئا " أي ليرجع إلى حال الطفولية لنسيان ما كان علمه لأجل الكبر، فكأنه لا يعلم شيئا مما كان عليه، وقيل: ليقل علمه بخلاف ما كان عليه في حال شبابه انتهى (1) وقال البيضاوي: وقيل: هو خمس وتسعون سنة (2) وأقول: في روضة الكافي أنه مائة سنة وقيل الكاف في قوله " كما قال الله " لبيان أن القريب من أرذل العمر أيضا داخل في المراد، وليس بالذي يخرج من دين الله.
قال بعض المحققين: إن قيل: قد ثبت أن الانسان إنما يبعث على ما مات عليه، فإذا مات الكبير على غير معرفة فكيف يبعث عارفا؟ قلنا: لما كان مانعه عن الالتفات إلى معارفه أمرا عارضا وهو اشتغاله بتدبير البدن فلما زال ذلك بالموت برزت له معارفه التي كانت كامنة في ذاته بخلاف من لم يحصل المعرفة أصلا