لو وصل بعضها ببعض (1) وظاهر الآية وجوب المسارعة أو رجحانها إلى الطاعة الموجبة للدخول إلى الجنة - وأعظمها الايمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر - والترقي إلى مقاماتها العالية " أعدت للذين آمنوا بالله ورسله " ظاهر هذه الآية وغيرها من الآيات والروايات أن الجنة مخلوقة الان، وكذا النار، وقال به الأصحاب و صرح به الشيخ المفيد في بعض رسائله، وقال: إن الجنة مخلوقة الان مسكونة سكنتها الملائكة، وظاهر الآية أنها في السماء، والظاهر أن المراد أنه يكون بعضها في السماء ويكون البعض الاخر فوقها، أو يكون أبوابها فيها أو فوق الكل، وما ذكره الحكماء غير مسموع شرعا، وهو ظاهر، كما قيل: إن النار تحت الأرض فتكون الآية دليلا على بطلان ما قالوه.
وقال البيضاوي: فيه دلالة على أن الجنة مخلوقة، وأنها خارجة عن هذا العالم (2) وذهب جماعة من المعتزلة إلى أنهما غير مخلوقتين وأنهما تخلقان يوم القيامة.
وقال البيضاوي في الواقعة: " والسابقون السابقون " (3) قال: أي الذين سبقوا إلى الايمان والطاعة بعد ظهور الحق من غير تلعثم وتوان، أو سبقوا إلى حيازة الفضائل والكمالات، أو الأنبياء فإنهم مقدموا أهل الأديان، هم الذين عرفت حالهم و عرفت مآلهم كقول أبي النجم " [أنا أبو النجم] وشعري شعري " أو الذين سبقوا إلى الجنة " أولئك المقربون في جنات النعيم " أي الذين قربت درجاتهم في الجنة و أعليت مراتبهم.
و " قال " أي في التوبة " والسابقون الأولون " (4) وقد مر الكلام في ذلك مستوفى في كتاب المعاد، في المجمع أي السابقون إلى الايمان أو إلى الطاعات، وإنما مدحهم بالسبق لان السابق إلى الشئ يتبعه غيره، فيكون متبوعا وغيره تابع له، فهو إمام فيه وداع له إلى الخير بسبقه إليه، وكذلك من سبق إلى الشر يكون أسوء حالا