والنقصان، وأنت خبير بأن هذا مما لا يختلف في صحته اثنان.
وقد ذكر بعض العلماء أن هذا النزاع إنما يتمشى على قول من جعل الطاعات من الايمان، وأقول: الذي يقتضيه النظر أنه لا يتمشى على قولهم أيضا وذلك أن ما اعتبروه في الايمان من الطاعات إما أن يريدوا به توقف حصول الايمان على جميع ما اعتبروه، أو عليه في الجملة، وعلى الأول يلزم كون حقيقته واحدة، فإذا ترك فرضا من تلك الطاعات يخرج من الايمان، وعلى الثاني يلزم كون ما يتحقق به الايمان من تلك الطاعات داخلا في حقيقته، وما زاد عليه خارجا فتكون واحدة على التقديرين فليس الزيادة والنقصان إلا في الكمال على جميع الأقوال انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وقال شارح المقاصد: ظاهر الكتاب والسنة وهو مذهب الأشاعرة والمعتزلة والمحكي عن الشافعي وكثير من العلماء أن الايمان يزيد وينقص، وعند أبي حنيفة وأصحابه وكثير من العلماء وهو اختيار إمام الحرمين أنه لا يزيد ولا ينقص، لأنه اسم للتصديق البالغ حد الجزم والاذعان، ولا يتصور فيه الزيادة والنقصان، والمصدق إذا ضم الطاعات إليه أو ارتكب المعاصي، فتصديقه بحاله لم يتغير أصلا وإنما يتفاوت إذا كان اسما للطاعات المتفاوتة قلة وكثرة، ولهذا قال الإمام الرازي وغيره: إن هذا الخلاف فرع تفسير الايمان، فان قلنا: هو التصديق فلا تتفاوت، وإن قلنا: هو الأعمال فمتفاوت، وقال إمام الحرمين: إذا حملنا الايمان على التصديق فلا يفضل تصديق تصديقا كما لا يفضل علم علما، ومن حمله على الطاعة سرا وعلنا وقد مال إليه القلانسي فلا يبعد إطلاق القول بأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ونحن لا نؤثر هذا.
ثم قال: ولقائل أن يقول: لا نسلم أن التصديق لا يتفاوت، بل يتفاوت قوة وضعفا كما في التصديق بطلوع الشمس، والتصديق بحدوث العالم، لأنه إما نفس الاعتقاد القابل للتفاوت، أو مبني عليه قلة وكثرة كما في التصديق الاجمالي والتفصيلي الملاحظ لبعض التفاصيل وأكثر، فان ذلك من الايمان لكونه تصديقا