السنة " ولكن بتمام الايمان " باعتبار أصل التصديق والعمل بالفرائض، أو بالواجبات وترك الكبائر أو المنهيات " دخل المؤمنون " المتصفون به " الجنة. وبالزيادة في الايمان " بضم سائر الواجبات مع المندوبات، أو المندوبات وترك الصغائر مع المكروهات، أو المكروهات وتحصيل الآداب المرغوبة والأخلاق المطلوبة " تفاضل المؤمنون " المتصفون بها بدرجات الجنة العالية، والمنازل الرفيعة في قربه تعالى " وبالنقصان " في التصديق أو التقصير في الأعمال الواجبة وارتكاب المحرمات " دخل المفرطون " في " النار " إن لم ينجوا بفضله وعفوه سبحانه.
قوله " درجات " أي ذو درجات أو نفسه باعتبار إضافة درجات (1) وقيل: الدرجات مراتب الترقيات، والمنازل مراتب التنزلات، ويحتمل أن يكون المقصود منهما واحدا اطلق عليهما اللفظان باعتبارين " إن الله سبق " على بناء التفعيل المعلوم، و " يسبق " على بناء التفعيل المجهول أي قرر السبق وقدره بينهم في الايمان، وندبهم إليه كما يسابق بين الخيل يوم الرهان، والخيل جماعة الأفراس لا واحد له، و قيل واحدة خائل لأنه يختال وجمعه أخيال وخيول، ويطلق الخيل على الفرسان أيضا والمراهنة والرهان بالكسر المسابقة على الخيل، وكأنه عليه السلام شبه مدة الحياة بالمضمار، والأرواح بالفرسان، والأبدان بالخيول، والعلم الذي يسبق إليه منتهى مراتب الايمان، والسبق الذي يراهن عليه الجنة فمنهم من سبق الكل وبلغ الغاية وهو رسول الله صلى الله عليه وآله ومنهم من تأخر عن الكل، ومنهم من بقي في وسط الميدان، ومنازلهم بحسب العقائد والأعمال كما وكيفا لا يتناهى.
قوله عليه السلام " فجعل كل امرئ منهم " أي أعطاه ما يستحقه من الكرامة و الاجر والذكر الجميل، قيل: في الاقتصار بنفي النقص دون الزيادة إيماء إلى جوازها من باب التفضل وإن لم يستحق " ولا يتقدم " أي في الفضل والثواب " مسبوق " في الايمان " سابقا " فيه " ولا مفضول " في الكمالات والأعمال الصالحة " فاضلا " فيها.
" تفاضل " استيناف بياني " بذلك " أي بالسبق " أوائل هذه الأمة " أي من تقدم